به وما نهاهم عنه من عبادة الله وحده ، وإيفاء الكيل والميزان ، وعدم الفساد في الأرض ، وإنذارهم بالعذاب بقوله : فاصبروا ، قالوا في توعدهم شعيبا ومن معه من المؤمنين : قسما (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ) ومن آمن معك من بلادنا كلها ، أو لترجعن إلى ملتنا وديننا الموروث عن الآباء.
وهذا تهديد منهم بأحد أمرين : إما النفي والطرد من القرية ، وإما الإكراه والقهر على الرجوع في ملتهم. وهذا الخطاب مع الرسول شعيب ، والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة.
قال شعيب مستفهما استفهاما إنكاريا ومتعجبا : أتفعلون ذلك وتأمروننا بالعود في ملتكم ، ولو كنا كارهين ما تدعونا إليه من أحد الأمرين؟.
إنكم تجهلون ما نحن عليه من ثبات العقيدة في القلب ، فلا ينزعها أحد ، وتجهلون أن حب الوطن لا يزعزع العقيدة ، ولا يجعلنا نؤثر الإقامة في بلادنا على مرضاة الله بتوحيده وعبادته واتباع أوامره.
ثم أعلن رفضه التام العودة إلى ملة الكفر قائلا : إنا إذا رجعنا إلى ملتكم واتبعنا دينكم القائم على الشرك ، فقد أعظمنا الفرية على الله في جعل الشركاء معه أندادا ، بعد أن نجانا الله من تلك الملة الباطلة ، وهدانا إلى ملة التوحيد واتباع الصراط المستقيم. إن هذا لأمر عجيب. وهذا تنفير من شعيب عن اتباعهم.
وقوله : (إِذْ نَجَّانَا) أي نجّى أصحابنا منها ، من طريق التغليب بإدخال نفسه في زمرتهم ، مع أن الأنبياء معصومون من الكفر.
(وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها ...) أي ما ينبغي لنا وليس من شأننا أن نعود في ملتكم أبدا ، ولن يحوّلنا أحد عما نحن فيه من الاستقامة ، لاعتقادنا الجازم أننا على الحق الأبلج ، وأنتم على الملة الباطلة ـ ملة الكفر والشرك. لكن إيمانا منا بمشيئة الله يجعلنا نفوض الأمر لله ، فإن شاء الله الذي يعلم كل شيء ، وله