والمعنى : وأورثنا القوم المستضعفين من بني إسرائيل بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم وتعذيبهم واستخدامهم وأخذ الجزية منهم ، أورثناهم أرض مصر والشام التي باركنا فيها بالخصب والنماء ، وسعة الأرزاق والخيرات ، ووفرة الأنهار ، تحقيقا لوعدنا السابق وهو : (نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ، وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص ٢٨ / ٥ ـ ٦]. ومشارق الأرض ومغاربها : جهات الشرق والغرب بها ، والمراد بالأرض : أرض مخصوصة ، وهي أرض الشام ومصر ؛ لأنها هي التي كانت تحت سلطة فرعون ، ولوصفها بالبركة ، وذلك لا يليق إلا بأرض الشام ، وقيل : المراد جنس الأرض ؛ لأن داود وسليمان من بني إسرائيل قد ملكا الأرض.
(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ..) أي مضت واستمرت ونفذت كلمة الله الحسنى على بني إسرائيل ، بسبب صبرهم على أذى فرعون وملئه ، وما كابدوه من الشدائد منهم ، كما أمرهم موسى : (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ : اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) [الأعراف ٧ / ١٢٨] وهكذا فإن الصبر مفتاح الفرج. والحسنى : صفة للكلمة ، تأنيث الأحسن. وقيل : معنى تمام الكلمة الحسنى : إنجاز الوعد الذي تقدم بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ؛ لأنه إذا حصل الموعود به ، فقد تم لك الوعد وكمل.
تم وعد الله لهم حينما استقاموا ، ثم سلبهم تلك الأرض بظلمهم لأنفسهم وللناس ، ولم يصدر وعد آخر من الله بالعودة إلى الأراضي المقدسة مرة أخرى.
وخربنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع ، وما كانوا يقيمونه من العرائش والسقف في البساتين ، أو يبنونه من القصور الشاهقة.