تقدم ـ : «الله أكبر ، قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً ، كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ، قالَ : إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ، لتركبنّ سنن من قبلكم حذو القذّة (١) بالقذّة ، حتى إنهم لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه» وكان هذا في مخرجه إلى حنين.
وإن طلب إله آخر هو في غاية الجهل ؛ لأن المعبود المستحق للعبادة والتعظيم هو القادر على خلق الأجساد والحياة والقدرة والعقل ، وخلق الأشياء المنتفع بها ، ولا يقدر على ذلك غير الله تعالى ، فلا تليق العبادة إلا به.
ودلت آية : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ) على أن عبدة الأصنام هم المعرضون للهلاك ، وأن عملهم إلى زوال ، وأن عهد الوثنية من الأرض سينتهي ، لمناقضته العقل والفطرة.
وقد ندد موسى عليهالسلام بطلب بني إسرائيل من نواح أربع :
أولها ـ أنه حكم عليهم بالجهل ، فقال : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ).
وثانيها ـ أنه قال : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ) أي سبب للخسران والهلاك.
وثالثها ـ أنه قال : (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي هذا العمل الشاق لا يفيدهم نفعا في الدنيا والدين.
ورابعها ـ التعجب منهم على وجه يوجب الإنكار والتوبيخ فقال : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) أي أن الإله ليس شيئا يطلب ويلتمس ويتخذ ، بل الإله هو الله الذي يكون قادرا على الإنعام بالإيجاد وإعطاء الحياة
__________________
(١) القذّة : ريش السهم ، قال ابن الأثير : يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.