للمؤمنين : نحن أولى بالله منكم ، وأقدم كتابا ، ونبينا قبل نبيكم ، فقال المؤمنون : نحن أحق بالله ، آمنا بمحمد وبنبيكم ، وبما أنزل الله من كتاب.
المناسبة :
بعد بيان أهل الفرق الستة وقضاء الله بينهم بالعدل ، ذكر هنا تصنيفهم إلى فريقين : فريق الإيمان ، وفريق الكفر ، ثم محاورتهم فيما بينهم في الأهدى طريقا ، ومآل كل من الفريقين إلى الجحيم أو إلى النعيم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن خصومة فريقين اختصموا في دين الله وذاته وصفاته فيقول : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) أي إن أهل الأديان المختلفة الستة المتقدم بيانهم هم فريقان متميزان : فريق المؤمنين ، وفريق الكافرين الذين هم أتباع الديانات الخمس المتقدمة ، تنازعوا وتجادلوا في شأن ربهم وفي دينه ، وكل منهم يعتقد أنه على حق ، وأن خصمه على الباطل ويبني على أساس ذلك جهاده وسلوكه وفكره.
والحق أن مصير الفريقين واضح ، أما الفريق الأول وهم الكافرون فجزاؤهم : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) أي فالكافرون تحيط بهم النار إحاطة شاملة ، وقد مثّل ذلك بأنه فصلت لهم مقطعات من نار تحيط بهم كإحاطة الثوب بلابسه ، مما يومئ بشدة عذابهم واحتقار شأنهم ، كما قال تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف ٧ / ٤١] وقال سبحانه : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ ، وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [إبراهيم ١٤ / ٥٠].
(يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ ، يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) أي يصب على رؤوسهم الماء البالغ درجة الغليان الذي يذيب ما في بطونهم من أحشاء ، ويشوي جلودهم ، فيحرق الباطن والظاهر.