والخلاصة : أن هذا القرآن العظيم ليس من مخترعات البشر ، بل هو آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق ، أمرا ونهيا وخبرا ، يفهمه العلماء ويحفظونه ، وقد يسر الله عليهم حفظه وتلاوته وتفسيره ، كما قال الله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر ٥٤ / ١٧]. وروى البخاري في صحيحة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من نبي إلا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا».
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ فضيلة الجدال والنقاش بالأسلوب الحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة ، فذلك أدعى عند العقلاء إلى توفير القناعة ، والوصول إلى الإيمان ، وتحقيق الهدف المقصود.
٢ ـ إن المعاملة بالمثل واللجوء إلى القتال والعنف واستخدام القوة هو السبيل المتعين في الرد على أهل العصبية والعناد والإصرار على الكفر.
٣ ـ إن هذه الآية الآمرة بالجدال بالتي هي أحسن والدعوة إلى الله عزوجل بالحجة والمنطق والبرهان آية محكمة ، كما قرر أثبات العلماء والمفسرين مثل مجاهد التابعي وغيره ، قال القرطبي : وقول مجاهد حسن ؛ لأن أحكام الله عزوجل لا يقال فيها : إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر ، أو حجة من معقول (١). وهذا اختيار ابن جرير الطبري وابن العربي. قال ابن العربي : الآية ليست منسوخة ، وإنما هي مخصوصة ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث باللسان يقاتل به في الله ، ثم أمره الله بالسيف واللسان ، فمن قاتل قتل ، ومن سالم بقي الجدال في حقه ،
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٣ / ٣٥٠