وكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام ، إلا انطلق به إلى قينته ، فيقول : أطعميه واسقيه وغنيه ، هذا خير مما يدعوك إليه محمّد من الصلاة والصيام ، وأن تقاتل بين يديه ، فنزلت.
وقال مقاتل : نزلت في النضر بن الحارث ، كان يخرج تاجرا إلى فارس ، فيشتري كتب الأعاجم ، فيرويها ويحدّث بها قريشا ، ويقول لهم : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم يحدثكم حديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم حديث رستم وإسفنديار ، وأخبار الأكاسرة ، فيستملحون حديثه ، ويتركون سماع القرآن.
المناسبة :
بعد بيان أن القرآن كتاب حكيم يشتمل على آيات حكيمة ، وبعد بيان حال السعداء المهتدين بهديه ، المنتفعين بسماعه ، بيّن الله تعالى حال الكفار الأشقياء التاركين له المشتغلين بغيره ، وأعقبه بوعيدهم بالعذاب المهين المؤلم ، وعطف عليه وعد المؤمنين به المقبلين على تلاوته ، الملتزمين حدوده من أوامر ونواه.
التفسير والبيان :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَيَتَّخِذَها هُزُواً ، أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) أي وهناك فريق من الناس يستبدل بالنافع الضار ، وبالقرآن الشافي ما يتلهى به من الحكايات والأساطير وفضول الكلام ، والمضاحك ، والاستماع إلى غناء الجواري ، كالنضر بن الحارث الذي كان يشتري كتب الفرس ويحدّث بها الناس ، ويقتني المغنيات لاجتذاب الشبان ، وإغراء من أسلم حديثا ، لحملة على ترك الإسلام ، وإضلاله عن دين الله وهو دين الإسلام ، والصد عنه ، واتخاذه هزوا وسخرية ، جهلا بخطورة ما يفعل من استبدال اللهو بقراءة القرآن ، وأولئك وهم الموغلون في الكفر والضلال يحيق بهم عذاب بالغ الإهانة. وقوله (عَذابٌ مُهِينٌ) للتفرقة بين عذاب الكافر وعذاب