الدنيا ، فتطمئنوا فيها ، وتميلوا إليها ، تاركين الاستعداد للآخرة ، ولا يخدعنكم الشيطان بحلم الله وإمهاله ، فيعدكم بالمغفرة ، ويحملكم على المعصية بتزيينها لكم ، وينسيكم الآخرة ، كما قال تعالى : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) [النساء ٤ / ١٢٠].
وفي الآية دلالة واضحة على أن الدنيا غرّارة بزخارفها ومتاعها ، وأن الشيطان بوساوسه يقوي هذا الغرور بالدنيا ، لصرف الناس عن الآخرة والتزود لها بصالح الأعمال.
وقيل : الغرور : الدنيا ، وقيل : تمني المغفرة في المعصية ، والأماني الباطلة برحمة الله واعتماده على شفاعة شافع أو كونه مسلما محبا الله ورسوله بقلبه دون عمل ، قال سعيد بن جبير رضياللهعنه : الغرة بالله : أن يتمادى الرجل في المعصية ، ويتمنى على الله المغفرة. وقد ردّ القرآن على هذه التمنيات بقوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ، وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) [النساء ٤ / ١٢٣].
ثم ذكر الله تعالى مفاتح الغيب الخمسة التي استأثر الله بعلمها ، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلام بها ، فقال :
١ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي إن علم وقت الساعة (أي القيامة) مختص بالله سبحانه ، فلا يعلم أحد بوقته سواه ، لا ملك مقرّب ، ولا نبي مرسل ، كما قال : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) [الأعراف ٧ / ١٨٧].
٢ ـ (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) أي ويختص تعالى أيضا بمعرفة وقت إنزال المطر ومكانه المعين ، لا يعلمه إلا الله ، فإن أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك ، ومن يشاء الله من خلقه.