وأما نشرة الأرصاد الجوية في أيامنا فتعتمد على بعض الحسابات والأمارات ، وما ترصده بعض الأجهزة المخصصة لمعرفة نسبة الرطوبة وسرعة الرياح ، فليس ذلك غيبا ، وإنما هو تخمين وظن ، قد يحدث نقيضه ، كما أن معرفته تكون قبل مدة قريبة ، يلاحظ فيها اتجاهات الرياح والمنخفضات الآتية من الشمال أو من الغرب مثلا.
٣ ـ (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أي لا يعلم أحد إلا الله ما في الأرحام من خواص الجنين وأحواله العارضة له من طبائع وصفات وذكورة وأنوثة ، وتمام خلقة ونقصها ، فإن توصل العلماء بسبب التحليل الكيميائي كون الجنين ذكرا أو أنثى ، فلا يعني ذلك غيبا ، وإنما بواسطة التجربة ، وتظل أحوال أخرى كثيرة مجهولة للعلماء ، لا تعلم إلا بعد الولادة. قال القرطبي : وقد يعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته إلى غير ذلك (١).
٤ ـ (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) أي لا تعلم نفس ماذا تكسب في الغد من خير أو شر في دنياها وأخراها.
٥ ـ (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) أي وما تعلم نفس موضع موتها ، في بلدها أو غيرها من بلاد الله ، لا علم لأحد بذلك.
روي أن ملك الموت مرّ على سليمان ، فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه ، يديم النظر إليه ، فقال الرجل : من هذا؟ قال : ملك الموت ، فقال : كأنه يريدني ، وسأل سليمان أن يحمله على الريح ، ويلقيه ببلاد الهند ، ففعل ، ثم قال ملك الموت لسليمان : كان دوام نظري إليه تعجبا منه ، لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٤ / ٨٢