(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أي إن علم الله غير مختص بهذه الأمور الخمسة ، بل هو عليم مطلقا بكل شيء ، وليس علمه علما بظاهر الأشياء فحسب ، بل خبير علمه ، يعلم بواطن الأمور وظواهرها.
ويلاحظ أنه جعل العلم لله في قوله : (عِلْمُ وَيَعْلَمُ) والدراية للعبد في قوله : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ) لما في الدراية من معنى الختل والحيلة ؛ والمعنى : أنها لا تعرف وإن أعملت حيلها.
ونظير الآية : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام ٦ / ٥٩].
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)».
ويلاحظ أن هذه الأمور الخمسة تشتمل على الدليلين المكررين في القرآن لإثبات البعث:
أحدهما ـ إحياء الأرض بعد موتها ، حيث قال تعالى هنا : (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) وقال في موضع آخر : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى) [الروم ٣٠ / ٥٠] وقال تعالى : (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم ٣٠ / ١٩].
والثاني ـ الخلق ابتداء ، حيث قال هنا : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) وقال في موضع آخر : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الروم ٣٠ / ٢٧] وقال :