صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) [الصافات ٣٧ / ١٠٤ ـ ١٠٥] (يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) [الأعراف ٧ / ١٤٤].
٢ ـ الأمر بالشيء نهي عن ضده ، لذا منع الله سبحانه من طاعة الكافرين من أهل مكة ونحوهم والمنافقين من أهل المدينة وأمثالهم فيما نهى عنه ، والتحذير من الميل إليهم ، فإن الله عليم بكفرهم ونفاقهم ، حكيم فيما يفعل بهم ، والمقصود بذلك الاحتراس من مؤامراتهم ومكائدهم وخططهم المشبوهة.
والمراد بالكافرين من أهل مكة : أبو سفيان وأبو الأعور وعكرمة. والمراد بالمنافقين من أهل المدينة : عبد الله بن أبيّ ، وطعمة بن أبيرق ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح.
٣ ـ ومن الواجب أيضا اتباع الوحي من قرآن وسنة ، وفي ذلك زجر عن اتباع مراسم الجاهلية. وأمر بجهادهم ومنابذتهم ، وفيه دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النص ، فلا مساغ للاجتهاد في مورد النص. والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ولأمته.
٤ ـ على المؤمن بعد اتخاذ الأسباب والوسائل أن يعتمد على الله في جميع أحواله ، فهو الذي ينفع ويمنع ، ولا يضر معه معارضة أحد من البشر أو مخالفته ، وكفى بالله حافظا لجميع الأمور والأحوال.
والخلاصة : أن الله تعالى أراد بهذه الآيات غرس العزة والكرامة في نفوس المسلمين ، والثقة بالذات ، وعدم الالتفات إلى الأعداء ، ومن أجل تحقيق تلك الغايات ، قررت الآيات هذه الأحكام وهي أن الله عليم بالمصلحة والصواب ، حكيم لا يأمر ولا ينهى إلا على وفق الحكمة والصواب ، فالواجب الأول : امتثال الأمر وتنفيذ النهي ، والواجب الثاني : اتباع وحي الله ، فإن الله خبير بما يصلح أمور العباد ، والواجب الثالث : التوكل على الله حقا ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه ، وكفى بالله وكيلا.