تصلّون محدثين مجنبين وتزعمون أنّكم أولياء الله وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر فمطروا ليلاً حتّى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته (١) وسقوا الركاب (٢) واغتسلوا وتوضئوا وتلبّد (٣) الرمل الذي بينهم وبين العدوّ وحتّى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ بالوثوق على لطف الله تعالى بكم وَيُثَبِّتَ بِهِ بالمطر الْأَقْدامَ حتى لا تسوخ في الرمل أو بالرّبطِ على القلوب حتّى تثبت في المعركة.
(١٢) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ بدل ثالث لإِظهار نعمة رابعة إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ في اعانتهم وتثبيتهم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا بالبشارة لهم وبتكثير سوادهم ومحاربة أعدائهم سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أعاليها التي هي المذبح والرّؤوس وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ أصابع أي جزّوا رقابهم واقطعوا أطرافهم.
(١٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ بسبب مشاقّتهم لهما وكونهم في شقّ خلاف شقهما وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
(١٤) ذلِكُمْ الخطاب فيه مَعَ الكفّار على طريقة الالتفات فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ والمعنى ذوقوا ما عجّل لكم من القتل والأسر مع ما أجّل لكم في الآخرة من عذاب النار.
القمّيّ : وكان سبب ذلك أنّ عير قريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم فأمر النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أصحابه بالخروج ليأخذوها فأخبرهم أنّ الله تعالى قد وعده إحدى الطائفتين إمّا العير أو القريش إن ظفر بهم فخرج في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً فلما قارب بَدْراً وكان أبو سفيان لعنه الله في العير فلما بلغه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قد خرج يتعرض العير خاف خوفاً شديداً ومضى إلى الشام فلما وافى (٤)
__________________
(١) العدى كالى شاطئ الوادي كالعدوة مثلثة.
(٢) الركب ركبان الإبل اسم جمع أو جمع وهم العشرة فصاعداً وقد يكون للخيل.
(٣) لبَدَ كنصر وفرح لبوداً ولبداً أقام ولزق كألبد وتلبّد الصّوف ونحوه تداخل ولزق بعضه ببعض.
(٤) وافى فلان اتى ووافيته موافاة أتيته ومثله وافيت القوم م.