فلمّا اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم صاح إبليس يا معشر قريش والعرب هذا محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى وهاجت قريش فأقبلوا بالسلاح.
وسمع رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم النّداءَ فقال للأنصار تفرّقوا.
فقالوا يا رسول الله إن أمرتنا أن نَميلَ عليهم بأسيافنا فعلنا.
فقال لهم رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم لم أؤمر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم قالوا أفتخْرُج معنا قال انتظر أمر الله فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليه السلام ومعهما السيف فوقفا على العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا ما هذا الذي اجتمعتم له فقال حمزة مَا اجتمعنا وما هاهنا أحد والله لا يجوز هذه العقبة أحد الا ضربته بسيفي.
فرجعوا إلى مكّة وقالوا لا نأمن أن يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم فاجتمعوا في النّدوة وكان لا يدخل دار النّدوة إلّا من قد أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلاً من مشايخ قريش وجاء إبليس في صورة شيخ كبير فقال له البواب من أنت قال أنا شيخ من أهل نجد لا يعدمكم مني من رأي صائب أنّي حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم فقال ادخل فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم.
قال أبو جهل يا معشر قريش انّه لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا نحن أهل الله تفد إلينا العَرَب في السنة مرتين ويكرّمونا ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع فلم نزل كذلك حتّى نشأ فينا محمّد بن عبد الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم فكنّا نسمّيه الأمين لصَلاحه وسكونه وصدق لهجته حتّى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادّعى أنّه رسول الله وأن أخبار السماءِ تأتيه فسفّه أحلامنا وسبّ آلهتنا وأفسد شباننا وفرّق جماعنا وزعم أنّه من مات من أسلافنا ففي النار فلم يرد علينا شيئاً أعظم من هذا فقد وقد رأيت فيه رأياً قالوا وما رأيت قال رأيت أن ندسّ إليه رجلاً منّا ليقتله فان طلبت بنو هاشم بدمه أعطيانهم عشر ديات.