تفظيع لأمرهم وحثّهم على الإعتبار بحالهم والحذر من مثل أفعالهم وانّما قيل قَوْمِ هُودٍ ليتميّزوا عن عاد إرِمَ.
القمّيّ : إنّ عاداً كانت بلادهم في البادية من المشرق إلى الأجفر (١) أربعة منازل وكان لهم زرع ونخل كثير ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة فعبَدُوا الأصنام وبعث الله إليهم هوداً يدعوهم إلى الإسلام وخلع الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا يهود وآذوه فكفّت السماء عنهم سبع سنين حتّى قحطوا وكان هود زرّاعاً وكان يسقي الزّرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء (٢) عوراء (٣) فقالت من أنتم فقالوا نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو الله حتّى يمطر ويخصب بلادنا فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماءِ قالوا فأين هو قالت هو في موضع كذا وكذا فجاءوا إليه فقالوا يا نبيّ الله قد أجدبت بلادنا ولم يمطر فسل الله أن يخصب بلادنا ويمطر فتهيّأ للصّلوة وصلَّى ودعا لهم فقال لهم ارجعُوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم فقالوا يا نبيّ الله إنّا رأينا عجباً قال وما رأيتم قالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء قالت لنا من أنتم ومن تريدون فقلنا جئنا إلى هود ليدعو الله لنا فنمطر فقالت لو كان هود داعياً لدعا لنفسه فانّ زرعه قد احترق فقال هود ذاك أهلي وأنا أدعو الله لها بطول البقاء فقالوا وكيف ذلك قال لأنّه ما خلق الله مؤمناً إلّا وله عدّو يؤذيه وهي عدّوي فَلَانَ يكون عدّوي ممّن أملكه خير من أن يكون عدويّ وممّن يملكني فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتّى أخصبت بلادهم وأنزل الله عليهم المطر وهو قوله عزّ وجلّ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ الآيات فلّما لم يؤمنوا أرسل اللهُ عليهم الريح الصرصر (٤) يعني الباردة وهو قوله تعالى في سورة القمر كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ
__________________
(١) الأجفر موضع بين الخريميّة وفيد ق والمراد بلادهم في جانب شرق الأجفر ببعد أربعة منازل منه.
(٢) في الحديث : لا بأس بجزّ الشمط ونتفه وجزّه أحبّ إليّ من نتفه وهو بالتّحريك بياض شعر الرأس يخالط سواده والرّجل اشمط والمرأة شمطاء.
(٣) عورت العين عوراً من باب تعب نقصت أو غارت والرّجل اعور والأنثى عوراء م.
(٤) والصِّرة بالكسر شدّة البرد أو البرد كالصرّ فيهما وأشدّ الصياح وبالفتح الشدّة من الكرب والحرب والحرّ وريح صرّ وصرصر شديد الصّوت أو البرد وصُرّ النّبات بالضّم اصابه الصّرّ.