المؤلف الأرسطي فى بعض كتبه ، وأخذ عنه ما أخذ (١) ، ولم يخرج ابن سينا ؛ كما سنرى ، على هذه السنة.
وأما «كتاب الآثار العلوية» فيقع فى أربع مقالات ، وقد ترجمه ابن البطريق إلى العربية منذ عهد مبكر ، وترجمت معه أيضا شروح قديمة ، أخصها شرح الإسكندر الأفروديسى (٢). وأبقى ازمن على مخطوط لترجمة ابن البطريق فى مكتبات استانبول (٣). وعليه عول الدكتور عبد الرحمن بدوى فى نشر كتاب الآثار العلوية منذ سنوات (٤). وفى العام الماضى أخرجه الأستاذ بترايتس إخراجا دقيقا محكما ، معولا على الأصول العربية والعبرية واللاتينية واليونانية (٥).
ولكتاب «الآثار العلوية» شأن فى الدراسات الجيولوجية والجغرافية العربية ، فكان له صدى فى بعض رسائل الكندى فى الكريات والفلكيات (٦). وسيرا على سنن المشائين الأقدمين وضع له الفارابى شرحا مستقلا (٧). وسبق لنا أن قررنا أن ابن سينا فى كتابه «المعادن والآثار العلوية» قد التقى مع كثير من آراء أرسطو فى الرياح والسحاب ، والبخار والثلج والبرد ، وأنه ربط ـ كما صنع المعلم الأول ـ الجيولوجيا بالميتيورلوجيا (٨). ولم يخرج فلاسفة الأندلس على هذه السنة ، ولابن باجة (٥٣٢ ه) شرح على كتاب «الآثار العلوية» الأرسطي يعد للنشر منذ زمن (٩) ، ولابن رشد (٥٩٣ ه) شرح آخر عرف من قديم فى الفكر العبرى والفكر اللاتينى (١٠).
(ب) كتاب السماء والعالم لابن سينا
هو الفن الثاني من طبيعيات الشفاء ، يقع فى عشرة فصول ، ويكاد يدور حول ثلاث مسائل رئيسية ، وهى الأجسام الطبيعية ، والسماء ، والأرض. وينحو فيه ابن سينا
__________________
(١) الفارابى ، إحصاء العلوم. ص ٩٧ ؛ الثمرة المرضية فى بعض الرسالات الفارابية ، ليدن ١٨٩٥ ، ص ٥١.
(٢) ابن النديم ـ الفهرست ، ص ٣٥١.
(٣) يانى جامع ١١٧٩. (٤) عبد الرحمن بدوى ، أرسطوطاليس ، القاهرة ١٩٦٠.
(٥) كازيمير بترايتس ، دار الشرق ـ بيروت ، ١٩٦٧.
(٦) ابن النديم ، الفهرست ، ٣٥٩ ، ٣٦١.
(٧) ابن ابى أصيبعه ، عيون الأنباء ، ج ١ ، ص ١٣٨.
(٨) ابن سينا ، المعادن والآثار العلوية ، القاهرة ١٩٦٥ ، ص (ز).
(٩) يضطلع بهذا الاستاذ ماجد فخرى.
(١٠) بترايتس ، الآثار العلوية ، ص ١٦٦.