سحابا يتولد مع مثله هذا الأثر ، وكان ذلك السحاب مشرفا شاهقا وجهته حيث (١) جهة الجبل. وظهر (٢) الأثر ، فوقع بصرى (٣) أول ما وقع على ذروته ومنتصف (٤) قوسه ، (٥) وتخيلت أنه فى ذلك السحاب ، فلما تأملت أسافله ، كان قائما فيما بيننا وبين الجبل قياما فى الجو ، وأنه لو لا الجبل لكان يتوهم أنه فى السحاب الكدر. ورأيت القوس مرة وهى (٦) مرتسمة فى الجو المصحى قدام جبل ، إلا أن ذلك الجو رطب (٧) مائى من غير ضباب ولا شىء ، وكان (٨) موضعه ما بيننا وبين الجبل لا يزيد عليه ارتفاعه. ورأيت مرة أخرى قوسين عظيمتين (٩) تلى ذروتيهما وأوسط (١٠) حدبتيهما سحاب ، ويلى طرفيهما (١١) جبال ، (١٢) فيرى كل واحد (١٣) منهما (١٤) كأنه مرتسم على الجبل وعلى السحاب ؛ (١٥) وذلك لأن البصر لا يفرق بين شفيفه وبين ما خلفه ، فيرى كأنه ملتصق به.
وقد تواترت منى هذه التجربة بعد ذلك مرارا ، فظهر لى أن السحاب الكدر ليس يصلح أن يكون مرآة البتة لحدوث هذا الخيال ، وإنما ينعكس للبصر (١٦) منه عن هواء رطب منتشر فيه أجزاء صغار من الماء مشفة صافية كالرش ، وليست بحيث تكدر وتزيل الإشفاف ، لكنها (١٧) إذا لم يكن وراءها ملون لم تكن مرآة. وذلك كالبلورة ، فإنها إذا سترت (١٨) من الجانب الآخر صارت مرآة فى الجهة التي تليك ، وإن لم تستر وتركت ووراءها فضاء مشف غير محصور لم تكن مرآة. فيجب أن يكون فى أكثر الأمر وراء هذا الهواء الرطب شىء لا يشف : إما جبل ، وإما سحاب (١٩) مظلم ، حتى يرتسم هذا الأثر (٢٠) منعكسا عن الأجزاء المائية الشافة المنتشرة (٢١) الواقعة فى الجو ، دون البخارية الكدرة ؛ فإنها إذا كانت بخارية كدرة لم تصلح لذلك.
__________________
(١) حيث : ساقطة من م.
(٢) وظهر : فظهر ب ، م
(٣) بصرى : البصر ب ، م
(٤) ومنتصف : + من د ، سا
(٥) قوسه : قوس د
(٦) وهى : ساقطة من د ، سا
(٧) رطب : رطيب سا
(٨) وكان : فكان سا
(٩) عظيمتين : عظيمين ب ، سا ، م
(١٠) وأوسط : وواسطة سا ، ط ، م ؛ واسطة د
(١١) طرفيهما : طرفهما سا ، م
(١٢) جبال : جبل م (١٣) واحد : ساقطة من د ، سا ، م
(١٤) منهما : منها سا
(١٥) وعلى السحاب : والسحاب د ، سا ، ط ، م
(١٦) للبصر : البصر ب ، د ، سا ، م
(١٧) لكنها : لكن ب (١٨) سترت : استترت ط
(١٩) وإما سحاب : أو سحاب د ، سا ، ط ، م
(٢٠) الأثر : + فيه ط (٢١) المنتشرة : المنيرة د ، سا.