لكن البرق يرى ، والرعد يسمع ولا يرى ، فإذا كان حدوثهما معا رؤى البرق فى الآن وتأخر سماع الرعد ، لأن مدى البصر أبعد من مدى السمع. فإن البرق يحس فى الآن بلا زمان ، (١) والرعد الذي يحدث مع البرق يحس بعد زمان. لأن الإبصار لا يحتاج فيه إلا إلى موزاة وإشفاف ، وهذا لا يتعلق وجوده بزمان. وأما السمع فيحتاج فيه (٢) إلى تموج (٣) الهواء ، أو ما يقوم (٤) مقامه ، ينتقل به الصوت إلى السمع ، وكل حركة فى زمان.
ولهذا ما يرى وقع الفأس ، وهو إذا كان يستعمل فى موضع بعيد قبل أن يحس بالصوت بزمان محسوس القدر ، وأما إذا قرب فلا يمكنك أن تفرق بين ذلك الزمان القصير وبين الآن. فسبب البرق والرعد فى أكثر الأمر هو (٥) الحركة الريحية التي تحدث صوتا وتشتعل اشتعالا. وربما كان البرق أيضا سبب الرعد ، فإن الريح المشتعلة تطفأ فى السحاب ، فيسمع لانطفائها (٦) صوت بعده بزمان للمعنى المذكور. والسبب فى حدوث ذلك الصوت ، أن (٧) السبب الأول أنه يحدث من (٨) مفاعلة ما بين النار والرطوبة حركة عنيفة سريعة تكون (٩) هى سبب الصوت ، كما أنا (١٠) إذا أطفأنا النار فيما بين أيدينا حدث صوت دفعة ، لحدوث حركة هوائية عنيفة دفعة ، بقرع (١١) ذلك المتحرك سائر الهواء بحركته السريعة الصاعدة أو المائلة قرعا شديدا يحدث منه الصوت. والغالب أن مع كل برق رعدا.
وإن لم يسمع. فإنه لن تنفذ فى الغيم نار متحركة إلا وهناك نشيش أو غليان (١٢) أو خفق للريحية ولا يبعد (١٣) أن لا يكون مع الرعد برق ، (١٤) فليس كلما عصفت ريح بقوة اشتعلت.
والذي يقال من حدوث الرعود بسبب تصاك الغيوم فبعيد ، إلا أن يكون لها من الحركات ما يصير فى أحكام الرياح.
والرعود تختلف أصواتها بحسب الرياح الخارقة والسحب المخروقة ، وبحسب أوضاع بعضها عند بعض ، (١٥) وبحسب أن مبدئها من خفق وصفق ، أو من طفو وخمود. والشمال (١٦) لبرده وحقنه (١٧) للحر يحدث فى السحاب رعدا وبرقا كثيرا.
__________________
(١) بلازمان : ملازمان م (٢) فيه (الثانية) : ساقطة من م.
(٣) تموج : + من د ، سا
(٤) أو ما يقوم : وما يقوم ط (٥) هو : هى د ، سا
(٦) لانطفائها : لطفوه ب ، د ، سا ؛ لطفوها ط
(٧) أن : فإن ب ؛ وأن د ، سا ، م
(٨) من : فى م. (٩) تكون : ساقطة من سا
(١٠) أنا : ساقطة من د (١١) بقرع : فقرع سا ؛ لقرع ط.
(١٢) أو غليان : وغليان ب
(١٣) ولا يبعد : ولا بعيد د ، سا
(١٤) الرعد برق : البرق رعد سا
(١٥) عند : عن م
(١٦) والشمال : والشمالى ب
(١٧) لبرده وحقنه : لبردها وحقنها م