وبالجملة فالصواعق رياح سحابية مشتعلة ، وربما طفئت هذه الصواعق فتستخيل أجساما أرضية (١) بحسب المزاج الذي يكون فيها ، وعلى ما اقتصصنا (٢) لك من خبرها. وإذا (٣) أرادت صاعقة أن تصعق ، تقدمتها (٤) فى أكثر الأمر ريح. (٥)
وأما الآثار المحسوسة فى أعلى (٦) الجو فإنها متكونة من الدخان ، إذ البخار لا (٧) يتصعد الى ما هنالك (٨) لثقل حركته ، ولأنه يبرد فيما دون ذلك. وأما الدليل على أنها (٩) تتكون من دخان ، فلأن الهواء والبخار الرطب (١٠) لا يشتعل البتة ، والأجسام اليابسة الثقيلة لا تحصل هناك حتى تشتعل إلا ما كان منها لطيفا دخانيا. (١١) ومن ذلك شهب الرجم ، ومادتها أيضا البخار الدخانى اللطيف السريع التحلل. وذلك أن هذا الدخان إذا وصل إلى الجو المحرق اشتعل وسرى فيه الاشتعال كأنه يقذف ، ويكون كما يشتعل يتحلل فيرى كأن كوكبا ينقذف ، وقد يتفق أن يبقى اشتعاله (١٢) طويلا قطعة يسيرة من الزمان ، وقد يكون له شرر ، هذا إذا كانت المادة أكثف. (١٣) وقد يتفق وجود هذا العرض بسبب البرد ، إذا حصل (١٤) البخار الدخانى ، وعرض أن يسخن لشدة (١٥) اشتمال البرد عليه لما ندرى فاشتعل ، أو كان سبب اشتعاله انضغاطه من البرد. فحركته من ذلك إلى أسفل لثقله الكائن عن البرد ، فيشتعل من الحركة. وكثيرا (١٦) ما تسقط الرجم ويرى له (١٧) رماد.
ويجب أن نتكلم هاهنا فى علة طفوء النار ، حتى يتوصل به إلى معرفة شيء مما نريد أن نقوله من هذا. فنقول : إن المفهوم عند الجمهور من قولنا طفئت النار أنه زال الضوء والإشراق الموجود فى الجرم المسمى عندهم نارا ، حتى يبقى مثلا دخانا أو هواء أو شيئا آخر إن أمكن. ومعنى أنبا لم تطفأ ، ليس هو أن تثبت نارا واحدة بعينها تبقى متعلقة فى موضع واحد على حسب ظن من يظن أن النار تغتذى فتبقى هى واحدة تحفظها مادة الدخان
__________________
(١) أرضية : عرضية م
(٢) ما اقتصصنا : ما اقتصصناه د ؛ ما اقتضاه سا
(٣) وإذا : فإذا سا.
(٤) تقدمتها : + رياح ب ؛ تقدمها ط
(٥) ريح : أو ريح ب.
(٦) أعلى : ساقطة من سا
(٧) البخار لا : البخار إلا م.
(٨) هنالك : هناك ب
(٩) أنها : أنه سا.
(١٠) الرطب : والرطب ط
(١١) دخانيا : روحانيا طا
(١٢) اشتعاله : اشعاله ط
(١٣) اكثف : أكثر سا
(١٤) حصل : حصر د ، ط ، م ؛ حضر سا
(١٥) لشدة : بشدة سا
(١٦) وكثيرا : فكثيرا م
(١٧) له : أنه د.