وحين فكرنا فى إخراج «كتاب الشفاء» حرصنا على أن يسهم معنا من شاء من الباحثين المعنيين بالفكر الإسلامى ، دون تقيد بجنس أو وطن ، فانضم إلينا باكستانى وعراقى. وودنا أن تشترك معنا الآنسة دلفرنى ، لكى تضطلع بعبء ، ترجمات «الشفاء» اللاتينية ، ولكن أعباءها الكثيرة حالت دون ما نريد. ومن حسن الحظ أنها لم تحل دونها والكشف عن كثير من جوانب ابن سينا اللاتينية.
والباكستانى الذي نعمنا بزمالته هو الأستاذ فضل الرحمن الذي رغب فى تحقيق «كتاب النفس» ورحبنا بذلك كل الترحيب ، ووضعنا تحت يده كل ما توافر لدينا من مخطوطات عربية ، وشاء أن يضم إليها ترجمات لاتينية. وما إن أتم تحقيقه حتى آثر أن يخرجه بين مطبوعات جامعة أكفسورد سنة ١٩٥٩. وصادف فى هذه الأثناء أن عنى باحث آخر بإخراج الكتاب نفسه ، وهو باكوش المستشرق التشيكى ، وقد ظهر فعلا سنة ١٩٥٦ بين مطبوعات المجمع العلمى التشيكى.
وبرغم هذا لم نر بدا من استكمال سلسلتنا ، فوكلنا إخراج «كتاب النفس» إلى باحثين كريمين عاشا مع ابن سينا نحو ربع قرن أو يزيد ، هما : الأب جورج قنواتى ، والأستاذ سعيد زائد ، وسبق لهما أن اشتركا فى إخراج بعض أجزاء «الشفاء» ، فضلا على أنهما قد أنفقا بضع سنوات فى تحقيق «كتاب النفس» ، على نحو ما استقر عليه منهجنا من قبل فى النشر والتحقيق. ولم يترددا فى أن يفيدا من مجهود المرحوم باكوش والأستاذ فضل الرحمن ، وأضافا إلى نصيهما مخطوطين ، لم يقفا عليهما ، وقد أشار إلى ذلك فى تفصيل الأب قنواتى فيما يلى. وإنا لنقدر لمحققينا صبرهما وجلدهما على استكمال نشر أجزاء «الشفاء» ، ونشكرهما على جهودهما المثمرة.
ولم يبق من هذه الأجزاء إلا جزء واحد لم ير النور بعد ، والأمل وطيد فى أن ينضم إلى الأجزاء التي بين أيدينا.
إبراهيم مدكور