كتاب النفس لأرسطو :
لدراسات أرسطو السيكلوجية ، مقرونة إلى عصرها ، وزن كبير ، وهى دون نزاع دعامة علم النفس التقليدى ، ولها فى تاريخ الفكر الإنسانى شأن قد لا يقل عن شأن المنطق الأرسطي. وضع فيها أرسطو عدة بحوث ، أهمها «كتاب النفس» الذي امتاز بغزارة مادته ، ودقة ملاحظته ، وعمق بحثه ، واستقامة عرضه. وقد عرف له العرب ذلك ، فعنوا بترجمته ، ترجموه غير مرة زيادة فى الضبط والاتقان ، واضطلع بذلك شيخان من شيوخ المترجمين ، هما حنين (٨٧٧ م) وابنه إسحاق (٩١٠ م) ، ولم يكتف بترجمته وحده ، بل أضيف إليه بعض الملخصات والشروح كملخص الإسكندر الأفروديسى (٢١١ م) وشرح ثامسطيوس (٣٩٩ م) (١).
وكان له أثر بين فى الدراسة السيكلوجية العربية ، وبخاصة سيكلوجيا ابن سينا. واحتفظ لنا الزمن بهذه الترجمة القديمة وبجزء من تعليق ثامسطيوس ذلك أخيرا (٢).
كتاب النفس لابن سينا :
هو الجزء السادس من «طبيعيات الشفاء» ، ويشتمل على خمس مقالات ـ وتحت كل مقالة عدة فصول ، وفيه دون نزاع مادة أغزر مما جاء فى «كتاب النفس» لأرسطو : وإن نحا نحوه فى العرض والترتيب ، وأخذ عنه كثيرا. وتعالج المقالة الأولى حقيقة النفس ، وتقف طويلا عند آراء القدماء ، على نحو ما صنع أرسطو ، وتناقشها واحدا واحدا ، وتنقضها نقضا تاما ، تمهيدا للتعريف الذي يرتضيه الشيخ الرئيس (٣).
النفس جوهر روحى :
يبدأ ابن سينا فيقول مع أرسطو إن النفس صورة الجسم ، أو بعبارة أخرى ، هى كمال أول لجسم طبيعى آلى : ويحاول أن يطبق ذلك على مختلف
__________________
(١) ابن النديم : الفهرست ، القاهرة ، ١٩٣٠ ، ص ٣٥١ ـ ٣٥٢ ؛ القفطى : تاريخ الحكماء ، طبعة بغداد ، ص ٤١ ؛ ابن أبى أصيبعة : عيون الأنباء ، القاهرة ١٨٨٢ ، ح ، ص ٦٨.
(٢) حاول شيئا من هذا النشر المرحوم أحمد فؤاد الأهواني فى عام ١٩٥٠ ، واضطلع به ثانية الدكتور عبد الرحمن بدوى عام ١٩٥٤.
(٣) ابن سينا : كتاب النفس ، ص ١٤ ـ ٢٢.