ما يلازمه من البسيط الآخر ، فحصل منهما (١) الفعل والأثر الذي يؤدى إليه فعلاهما فى جميع أجزاء ذلك العضو على السواء. إذ كل واحد من أجزائه معه عائق عن تمام فعله ، متمكن منه ، اللهم إلا أن يكون جزء عضو قابلا عن أحد البسيطين دون الآخر ، (٢) أو الطبيعة تستعمل أحدهما وترفض الآخر.
وقد يكون هذا كثيرا ، ولكن لا بد من دلالة على أن امتزاجها (٣) بحيث يقبل التميز (٤) بتأثير الحرارة فيها ، وإن لم تتزايل. (٥) فالأدوية (٦) المفردة ، التي نذكر أن لها قوى متضادة ، هى هذه التي ليس فيها ذلك الامتزاج الكلى. (٧) فمن هذه ما هو أقوى امتزاجا ، فلا يقدر الطبخ والغسل على التفريق بين قواها ، مثل البابونج الذي فيه قوة محللة وقوة قابضة إذا طبخ فى الضمادات لم تفارقه القوتان. ومنه ما يقدر الطبخ على التفريق بينهما ، مثل الكرنب ، فإن جوهره ممتزج من (٨) مادة أرضية قابضة ، ومن مادة لطيفة جلاءة بورقية ، فإذا طبخ فى الماء تحلل الجوهر البورقى (٩) الجالى (١٠) منه فى الماء ، وبقى الجوهر الأرضى القابض ، فصار (١١) ماؤه مسهلا وجرمه قابضا. وكذلك العدس ، (١٢) وكذلك الدجاج ، وكذلك الثوم ، فإن فيه قوة جلاءة محرقة ، ورطوبة ثقيلة ، والطبخ يفرق بينهما ، وكذلك البصل والفجل وغيره. ولذلك قيل : إن الفجل يهضم ولا ينهضم ؛ لأنه يهضم لا بجميع أجزائه ، بل بالجوهر اللطيف الذي فيه ؛ فإذا تحلل ذلك عنه ، بقى الجوهر الكثيف الذي فيه (١٣) عاصيا على القوة الهاضمة لزجا ، وذلك (١٤) الجوهر الآخر يقطع اللزوجة.
ومن هذا الباب ما يقدر الغسل على التفريق بين جوهريه ، مثل الهندبا (١٥) وكثير من البقول ، فإن جوهرها مركب من مادة أرضية مائية باردة كثيرة ، ومن مادة لطيفة قليلة ، فيكون تبريدها بالمادة الأولى وتفتيحها السدد ، وتنفيذها أكثره (١٦) بالمادة الأخرى ،
__________________
(١) منهما : بينهما سا (٢) الآخر : الأجزاء ط
(٣) امتزاجها : امتزاجهما ط (٤) التميز : التمييز د ، سا ، ط ، م
(٥) وإن لم تتزايل : ساقطة من سا
(٦) فالأدوية : الأدوية
(٧) الكلى : الثاني طا
(٨) من : عن ط
(٩) البورقى : + فى م
(١٠) الجالى : الجائى ط
(١١) فصار : فيكون د ، سا
(١٢) وكذلك العدس : ساقطة من سا
(١٣) فإذا ... فيه : ساقطة من ط.
(١٤) وذلك : وكذلك د
(١٥) الهندبا : الهندباء ط ؛ الهندى م
(١٦) أكثره : أكثر د ، ط ، م ؛ ساقطة من سا.