من هؤلاء المستشرقين «غريم» و «ويل» و «بل» و «رودويل» و «بلاشير» و «نولديكه».
فمثلا «تيودور نولديكه» نشر كتابا بعنوان (تاريخ القرآن) سنة ١٨٦٠ م حيث نظم فيه السور إلى أربع مجموعات معتمدا في ذلك على ثلاث فترات زمنية في مكة وفترة رابعة في المدينة (١) وقد أثنى على هذا التقسيم «بلاشير» كثيرا لأنه في نظره يجعل قراءة المصحف سهلة بل ممتعة (٢) ..
الجواب :
لقد شغلت هذه القضية علماء المسلمين ابتداء من عصر الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ ولا عجب في ذلك أن يخصوها بجهد عظيم وبحث جاد لأنها تتصل اتصالا مباشرا بأقدس كتاب حرص المسلمون أن يدفعوا عنه كل شبهة .. وكان بحثهم مبنيا على أسس من المنطق العقلي والدليل النقلي ويمكن تلخيص منهجهم بعبارة نصها : (إن كنت ناقلا فالصحة ، أو مدعيا فالدليل) منهج خاضع لقواعد علمية نقدية ما زال فخرا للمسلمين. فعناية المسلمين إذن بكتابهم كانت تعتمد على الروايات بعد نخالتها وتمييز غثها من سمينها فيذهب الزبد جفاء ، ويطرح الضعيف والموضوع منها ، وتؤخذ الرواية الصحيحة التي تثبت بعد درس وتمحيص.
أما المستشرقون فكان جهدهم معتمدا على جهود العلماء السابقين ، ولكن تخليطهم ناتج من عدم قدرتهم على التمييز بين الروايات فأخذوا بكثير من الروايات الضعيفة والموضوعة. كما ترجع كثير من أخطائهم لجهلهم باللغة العربية ولأن عملهم نابع من أهداف نفسية ودينية خاصة بهم ، والمستشرقون يسوقون الاحتمالات العقلية مساق الحقائق المسلمة ، وهم يجمعون الآراء والظنون والأوهام والتصورات ويعتبرونها أصلا يصلح للفحص والدراسة والاستنتاج منه لقضايا من
__________________
(١) قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية ص ١٨٠.
(٢) القرآن ـ بلاشير ص ٤٤.