محضر فيه شهادة خلق كثير بمن اطلعوا على حقيقة ذلك خوفا من أن يظن من لم يعلم صورة الحال أنها قطعت لريبه والثلج والبرد كثيرا ما يؤثر في الأطراف في تلك البلاد فتسقط به خصوصا خوارزم فإنها في غاية البرودة ومنها خلق كثير سقطت أطرافهم بهذا السبب فلا يستبعده من لا يعرفه.
وقيل إن الزمخشري لما دخل بغداد واجتمع بالفقيه الحنفي الدامغاني سأله عن سبب قطع رجله فقال : دعاء الوالدة. وذلك أنى كنت في صباي أمسكت عصفوراً وربطته بخيط من رجله فأفلت من يدي فأدركته وقد دخل في خرق فجذبته فانقطعت رجله في الخيط ، فتأملت والدتي لذلك وقالت : قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله ، فلما وصلت إلى سن الطلب رحلت إلى بخاري أطلب العلم فسقطت عن الدابة فانكسرت رجلي وعملت عملا أوجب قطعها. والله أعلم بالصحة.
وكان الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفي قد كتب إليه من الإسكندرية وهو يرمئذ مجاور مكة حرسها الله يستجين في مسموعاته وصنفاته فرد جوابه بما لا يشفى الغليل. فلما كان في العالم الثاني كتب إليه أيضا مع الحجاج استحازة اخرى افترح فيها مقصوده ثم قال في آخرها ولا يحوج أدام الله توفيقه إلى المراجعة فالمسألة بعيدة وقد كاتبته في السنة الماضية فلم يجب بما يشفى الغليل وله في ذلك الأجر الجزيل. فكتب إليه الزمخشري ما لم يكن له في حسال ولو لا خوف التطويل لذكرت الاستدعاء والجواب لكن لا بأس بذكر بعض الجواب وهو : «ما مثلي مع أعلام العلماء ، إلا كمثل السماء مع مصابيح السماء ؛ والجهام الصفر من الرهام ، مع الغوادي الغامرة للقيعان والآكام ؛ والسكيت المخلف مع خيل السباق ، والبغات مع الطير العتاق ؛ وما التلقيب بالعلامة ، إلا شبه الرقم بالعلامة : والعلم مدينة أحد بابيها الدراية والثاني الرواية ؛ وأنا في كلا البابين ذو بضاعة مزجاة ، ظلى فيه أقلص من ظل حصاة ؛ أما الرواية فحديثه الميلاد. قريبة الإسناد ؛ لم تستند إلى علماء نحارير ولا إلى أعلام مشاهير ؛ وأما الدراية فثمد لا يبلغ أفواها ، وبرص ما يبل شفاها ؛ ولا يغرنكم قول فلان في وفلان ـ وعدد جماعة من الشعراء والفصلاء مدحوه بمقاطيع من الشعر وأوردها كلها ولو سردنا لطال الحال ، ثم ثال : ـ فإن ذلك اغترار منهم بالظاهر المموه ، وجهل بالباطن المشوه ؛ ولعلى الذي غرهم منى ما رأوا من حسن النصح للمسلمين ، وإيصال