يلطفوا القول ويجملوه للحاضرين.
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)(١٠)
(ظُلْماً) ظالمين (١) ، أو على وجه الظلم من أولياء السوء وقضاته (فِي بُطُونِهِمْ) ملء بطونهم يقال : أكل فلان في بطنه ، وفي بعض بطنه. قال :
كُلُوا فِى بَعْضِ بَطْنِكُمُوا تَعِفُّوا (٢)
ومعنى يأكلون نارا : ما يجر إلى النار ، فكأنه نار في الحقيقة. وروى : أنه يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة والدخان يخرج من قبره (٣) ومن فيه وأنفه وأذنيه وعينيه (٤) فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا. وقرئ (وَسَيَصْلَوْنَ) بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها (سَعِيراً) ناراً من النيران مبهمة الوصف.
(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ
__________________
(١) قال محمود : «معناه ظالمين ، أو على وجه الظلم ... الخ» قال أحمد : ومثله (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) أى شدقوا بها وقالوها بملء أفواههم. أو يكون المراد بذكر البطون تصوير الأكل للسامع ، حتى يتأكد عنده بشاعة هذا الجرم بمزيد تصوير ، ولأجل تأكيد التشنيع على الظالم لليتيم في ماله ، خص الأكل لأنه أبشع الأحوال التي يتناول مال اليتيم فيها ، والله أعلم.
(٢) كلوا في بعض بطنكم تعفوا |
|
فان زمانكم زمن خميص |
أى كلوا في بعض بطونكم. وأفرد البطن لأمن اللبس ، أى لا تملؤها ، فان أطعتمونى عففتم عن الطعام. وعف يعف ـ بكسر عين المضارع ـ من باب ضرب يضرب. ثم قال : فان زمانكم ، أى أمرتكم بذلك لأن زمانكم مجدب. والخميص : الضامر البطن. فشبه الزمان المجدب بالرجل الجائع على طريق الكناية ، ووصفه بالخمص تخييل لذلك.
(٣) قوله من «قبره» يروى من دبره. ويؤيده ما في الخازن من حديث أبى سعيد الخدري ، أنهم يجعل في أفواههم صخر من نار يخرج من أسافلهم اه ، فحرره. (ع)
(٤) أخرجه الطبري من طريق السدى قال «يبعث الله آكل مال اليتيم ظلما يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه وأنفه» إلى آخره وفي صحيح ابن حبان من رواية زناد أبى المنذر عن نافع بن الحرث عن أبى برزة رفعه يبعث الله يوم القيامة قوما من قبورهم تأجج أفواههم ناراً فقيل من هم يا رسول الله؟ فقال : ألم تر أنّ الله يقول (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) الآية وفي إسناده زناد المذكور. كذبه ابن معين وشيخه نافع بن الحرث ضعيف أيضاً وقد أورده ابن عدى في الضعفاء في ترجمة زناد وأعل يه.