ثابت بنص الكتاب في حال الخوف خاصة ، وهو قوله (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وأمّا في حال الأمن فبالسنة ، وفي قراءة عبد الله : من الصلاة أن يفتنكم ليس فيها (إِنْ خِفْتُمْ) على أنه مفعول له ، بمعنى : كراهة أن يفتنكم. والمراد بالفتنة : القتال والتعرّض بما يكره
(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٠٢) فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(١٠٣)
(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) يتعلق بظاهره من لا يرى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث شرط كونه فيهم : وقال من رآها بعده : إن الأئمة نواب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عصر ، قوّام بما كان يقوم به فكان الخطاب له متناولا لكل إمام يكون حاضر الجماعة في حال الخوف ، عليه أن يؤمّهم كما أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجماعات التي كان يحضرها. والضمير في : (فِيهِمْ) للخائفين (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) فاجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصل بهم (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) الضمير إمّا للمصلين (١) وإمّا لغيرهم فإن كان للمصلين فقالوا : يأخذون من السلاح ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ونحوهما. وإن
__________________
ـ حبان من حديث جابر في قصة صلاة الخوف قال «وأنزل الله إقصار الصلاة. وفي أبى يعلى عن يعلى بن أمية : قلت لعمر : فيم إقصار الصلاة ... الحديث.
(١) قال محمود : قيل المأمور بأخذ الأسلحة المصلون ... الخ» قال أحمد : والظاهر أن المخاطب بأخذ الأسلحة المصلون ، إذ من لم يصل إنما أعد للحرس ، فالظاهر الاستغناء عن أمرهم بذلك وتنبيههم عليه ، وهم إنما أخروا الصلاة لذلك. أما المصدر فهم في مظنة طرح الأسلحة ، لأنهم لم يعتادوا حملها في الصلاة ، فنبهوا على أنهم لا ينبغي لهم طرح الأسلحة وإن كانوا في الصلاة ، لضرورة الخوف وخشية الغرة. وأيضا فصنيع الآية يعطى ذلك ، لأنه قال : فلتقم طائفة منهم معك ، وعقب ذلك بقوله : (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) فالظاهر رجوع الضمير إليهم ، وحيث يعاد إلى غير المصلين يحتاج إلى تكلف في صحة العود إليهم ، بدلالة قوة الكلام عليهم وإن لم يذكروا.