على الله ولا مكابرة له ، وما توهمت طرفة عين أنى أعجز الله هربا ، وإنى لنادم تائب مستغفر ، فما ترى حالى عند الله؟ (١) فنزلت. وهذا الحديث ينصر قول من فسر (لِمَنْ يَشاءُ) بالتائب من ذنبه (٢) (إِلَّا إِناثاً) هي اللات والعزى ومناة. وعن الحسن لم يكن حىّ من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه يسمونه أنثى بنى فلان. وقيل : كانوا يقولون في أصنامهم هنّ بنات الله. وقيل : المراد الملائكة. لقولهم : الملائكة بنات الله. وقرئ أنثا ، جمع أنيث أو أناث. ووثناً. وأثنا ، بالتخفيف والتثقيل جمع وثن ، كقولك أسد وأسد وأسد. وقلب الواو ألفا نحو «أُجوه» في وجوه. وقرأت عائشة رضى الله عنها : أوثاناً (وَإِنْ يَدْعُونَ) وإن يعبدون بعبادة الأصنام (إِلَّا شَيْطاناً) لأنه هو الذي أغراهم على عبادتها فأطاعوه فجعلت طاعتهم له عبادة. و (لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَ) صفتان بمعنى شيطاناً مريداً جامعاً بين لعنة الله وهذا القول الشنيع (نَصِيباً مَفْرُوضاً) مقطوعاً واجباً فرضته لنفسي من قولهم : فرض له في العطاء ، وفرض الجند رزقه. قال الحسن : من كل ألف تسعمائة وتسعين إلى النار (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) الأمانى الباطلة (٣) من طول الأعمار ، وبلوغ الآمال ، ورحمة الله للمجرمين بغير توبة (٤) والخروج من النار بعد دخولها بالشفاعة ونحو ذلك. وتبتيكهم الآذان فعلهم بالبحائر ، كانوا يشقون أذن الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكراً ، وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها. وتغييرهم خلق الله : فقء عين الحامى وإعفاؤه عن الركوب. وقيل : الخصاء ، وهو في قول عامة العلماء مباح في البهائم. وأما في بنى آدم فمحظور. وعند أبى حنيفة : يكره شراء الخصيان وإمساكهم واستخدامهم ، لأن الرغبة فيهم تدعو إلى خصائهم. وقيل : فطرة الله التي هي دين الإسلام. وقيل للحسن : إن عكرمة يقول هو الخصاء ، فقال : كذب عكرمة ، هو دين الله. وعن
__________________
(١) هو منقطع.
(٢) قوله «ينصر قول من فسر من يشاء ... الخ» هو قول المعتزلة. (ع)
(٣) قال محمود : «المراد الأماني الباطلة ... الخ» قال أحمد : هو تعريض بأهل السنة الذين يعتقدون أن الموحد ذا الكبائر غير التائب أمره يرجأ إلى الله تعالى ، والعفو عنه موكول إلى مشيئته إيمانا وتصديقا بقوله في الآية المعتبرة في هذا (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) والعجب أن هذه الآية تكررت في هذه السورة مرتين على أذن الزمخشري ، وهو مع ذلك يتصام عنها ، ويجعل العقيدة المتلقاة منها من جملة الأمانى الشيطانية ، نعوذ بالله من إرسال الرسن في اتباع الهوى ، وكذلك أيضا عرض بأهل السنة في اعتقادهم صدق الوعد الصادق بالشفاعة المحمدية ، وعد ذلك أيضا أمنية شيطانية ، وما أرى من جحد الشفاعة ينالها. فلا حول ولا قوة إلا بالله ، لقد مكر بهذا الفاضل ، فلا يأمن بعده عاقل. إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
(٤) قوله : «للمجرمين بغير توبة» بل بالشفاعة ، أو بمجرد الفضل. وهو مذهب أهل السنة. (ع)