أو على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة ، كأنه قيل : ليفتدوا بذلك. ويجوز أن يكون الواو في : (مِثْلَهُ) بمعنى «مع» فيتوحد المرجوع إليه. فإن قلت : فبم ينصب المفعول معه؟ قلت : بما يستدعيه «لو» من الفعل ، لأن التقدير : لو ثبت أن لهم ما في الأرض. قرأ أبو واقد (أن يخرجوا) بضم الياء من أخرج. ويشهد لقراءة العامّة قوله : (بِخارِجِينَ). وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس : يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار (١) وقد قال الله تعالى : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) فقال : ويحك (٢) ، اقرأ ما فوقها. هذا للكفار. فمما لفقته المجبرة (٣) وليس بأول تكاذيبهم وفراهم. وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بين أظهر أعضاده من قريش وأنضاده (٤) من بنى عبد المطلب وهو حبر الأمّة وبحرها ومفسرها ، بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا ، ويرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ما فيها مرية.
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤٠)
__________________
ـ ومن أمسى رحله بالمدينة حسن حاله ، بخلاف حالى ، فانى غريب لأن رحلي ـ أى منزلي ـ ليس فيها ، وإنما فيها أنا وفرسي فقط. و «قيار» اسم فرسه. وقيل جمله. وقيل غلامه. وهو مبتدأ أو معطوف على محل اسم «إن» حذف خبره اختصاراً لدلالة المذكور عليه ، فالعطف من عطف الجمل أو المفردات. وفيه العطف قبل تمام المعطوف عليه ، لكنه على نية التقديم والتأخير ، وهو سماعي لا يجوز القياس عليه ، ولا يجوز جعل الغريب خبراً عنهما لئلا يتوارد عاملان على معمول واحد ، ولا جعله خبرا عن قيار ؛ لأن لام الابتداء لا تدخل على الخبر المؤخر. والبيت لفظه خبر ، ومعناه إنشاء التحسر والتحزن ، لكونه غريباً وحيداً.
(١) قال محمود : «وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس يا أعمى البصر أعمي القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار ... الخ» قال أحمد : في هذا الفصل من كلامه وتمشدقه بالسفاهة على أهل السنة ورميهم بما لا يقولون به من الأخبار بالكذب والتخليق والافتراء ما يحمي الكبد المملوء بحب السنة وأهلها على الانتصاب للانتصاف منه ، ولسنا بصدد تصحيح هذه الحكاية ، ولا وقف الله صحة العقيدة على صحتها.
(٢) لم أجده. وقد أنكره صاحب الكشاف وقال : هذا مما لفقه المجبرة. وليس أول تكاذيبهم إلى آخر كلامه
(٣) قوله «فمما لفقته المجبرة «يعنى أهل السنة القائلين بخروج صاحب الكبيرة من النار لأنه مؤمن خلافا للمعتزلة القائلين لا مؤمن ولا كافر بل واسطة. وتحقيق المبحث في علم التوحيد. (ع)
(٤) قوله «وأنضاده» في الصحاح : أنضاد الرجل ، أعمامه وأخواله المتقدمون في الشرف. (ع)