فوائد :
١ ـ بمناسبة قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) نقول : إن ظاهرة الشهب وتعليلها الطبيعي معروف ، ولكن كثيرا من ظواهر هذا الكون قد يكون لها علاقة بقضية غيبية تعرف عن طريق خبر المعصوم ، ومن ذلك هذه القضية ، فالنصوص القرآنية والحديثية تحدثنا أن لهذه الظاهرة صلة بمنع الشياطين من استراق خبر السماء ، والذي يبدو أن الشياطين بتركيبهم يستطيعون أن يسمعوا ما لا يسمعه البشر من أمر السماء ، ومن ثم فليس لظاهرة الرجم صلة بموضوع المركبات الفضائية والأقمار الصناعية ، على أن المشتغلين في هذا الموضوع يلحظون احتمال الإصابة بالشهب ، ومن ملاحظتنا للنصوص التي تشير إلى موضوع استراق السمع ، ومن معرفتنا عن الشهب في أن نورها المتألق أثر عن اصطدام جرمها في جو الأرض ندرك أن المكان الذي يستطيع الشياطين الوصول إليه محدود ، وأن السماء الغيبية التي أخبرتنا عنها النصوص ليست كما قد يظن بعضهم أنها بعد المجرات كلها بالنسبة للأرض ، وهذا المقام الذي نحن فيه يدل على ما ذهبنا إليه من أن السموات السبع التي فوقها عرش الرحمن مغيبة عنا ، فهي داخلة في عالم الغيب ، وأن كل ما نراه إنما هو السماء بالمعنى اللغوي ، واقرأ هذا الحديث الصحيح الذي ذكره ابن كثير عن هذه الآية فلعله يساعدك على التحقق مما قلناه. قال
فقد روى البخاري عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان». قال علي وقال غيره : صفوان ينفذهم ذلك ، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال : الحق ، وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر ، ووصف سفيان ـ وهو أحد رواة الحديث ـ بيده ، وفرّج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض. فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه ، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه ، إلى الذي هو أسفل منه ، حتى يلقوها إلى الأرض. وربما قال سفيان : حتى تنتهي إلى الأرض. فتلقى على فم الساحر أو الكاهن ، فيكذب معها مائة كذبة فيصدق ، فيقولون : ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا كذا ، فوجدناه حقّا ـ للكلمة التي سمعت من السماء ـ؟!.
٢ ـ هذه المجموعة من الآيات التي مرّت معنا تتحدث عن ظواهر كونية متعددة كلها تشير وتدل على وجود الله بما لا يقبل جدلا ، ونحن قد تحدثنا في كتابنا (الله جل