٢ ـ من خلال النقاش الذي ناقش فيه ابن كثير هذا الاتجاه في التفسير ، نعرف أهمية الاختصاص في العلوم الشرعية ، وأن أهل الاختصاص في كل علم هم أدقّ الناس نظرا فيه ، فالمفسر ، والفقيه ، وعالم الحديث ، وعالم التوحيد ، وعالم الأخلاق ، لكل من هؤلاء في اختصاصه نظرات تفوق نظر غير المختص. فالذين يريدون أن يلغوا كل شىء فلا فقه ، ولا مذاهب ، ولا علم توحيد ، ولا علم سلوك ، ولا ولا بدعوى العودة إلى الكتاب والسنة ، أمثال هؤلاء تروج دعواهم ، حيث لا علم ، فإنه ما من أحد من أصحاب الاختصاصات الشرعية تكلم في اختصاصه إلا ضمن الكتاب والسنة ، وضمن أدق معايير الفهم للكتاب والسنة.
٣ ـ في هذه المجموعة تدليل على وجود الله عزوجل من خلال ظاهرة الحياة ، كما أن فيها تدليلا على اليوم الآخر من خلال التعريف على الله وصفاته ، فمن عرف علم الله وقدرته على الخلق ، والإعادة ، وحكمته ، أدرك أن اليوم الآخر من حيث الإمكان ممكن ، ومن حيث ضرورة تحقيق العدل فهو ضروري.
كلمة في السياق :
تأتي المجموعة التي مرّت معنا مكمّلة للمجموعة السابقة عليها ، من حيث إقامتها الحجة على الكافرين ، وهذا هو محلها بالنسبة لسياق سورة الحجر ، وهذا الذي يربطها بشكل مباشر بمحورها من مقدمة سورة البقرة.
ولكن المجموعة ، مع هذا ، تفصّل في امتدادات المحور من سورة البقرة ، فلنتذكر بعض ما مرّ معنا من قبل :
بعد مقدمة سورة البقرة التي ذكرت المتقين والكافرين والمنافقين جاء قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ثم بعد آيات جاءت آيتان تقيمان الحجة على الكافرين بظاهرتي الحياة والعناية : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ولقد جاءت المجموعة التي مرّت معنا تتحدث عما تحدثت عنه الآية الأولى من هاتين الآيتين ، فتحدثت عن الإحياء والإماتة ، والرجوع إلى الله ، فإذا ما عرفنا أنه بعد آيتي البقرة تأتي قصة آدم ، وأنه بعد هذه المجموعة من سورة الحجر تأتي قصة آدم ، أدركنا الدور الذي تؤديه سورة الحجر ، إنها