الظلم أصلا. إنما هو معنى خاص في هذا السياق. للموازنة بين الحق الكبير والعطاء العظيم الذي مع الرسول ، والمتاع الصغير الذي يتألق بالبريق وهو ضئيل في الطريق إلى توجيه الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى إهمال القوم المتمتعين ، والعناية بالمؤمنين فهؤلاء هم أتباع الحق الذي جاء به والذي تقوم عليه السماوات والأرض وما بينهما ؛ وأولئك هم أتباع الباطل الزائل الطارئ على صميم الوجود).
٣ ـ وقد ربط صاحب الظلال بين قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وبين قوله تعالى : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) فقال بمناسبة هذا السياق :
لقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم .. كما أنزلنا على المقتسمين فلست بدعا من الرسل الذين آتيناهم الكتاب ، فأصل الكتاب واحد ، ومنزله واحد ، وكل الكتب نزلناها نحن ، فما يجوز أن ينكر بعضها من أنزلنا عليهم من قبل. فالذي ينزل الكتب هو أعلم بحاجة الناس في كل عصر. وهؤلاء الذين فرقوا القرآن وجعلوه عضين (جمع عضة وهو الجزء ، من عضى الشاة أي فصل بين أعضائها) واقتسموه : قسما مقبولا وقسما مردودا .. هؤلاء حالفوا عن مقتضى إعطائهم الكتاب (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) وما وراء السؤال معروف.
فوائد :
١ ـ في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) أقوال ذكرنا أرجحها في صلب التفسير ، فهناك من ذهب إلى أن المراد بالسبع المثاني : السبع الطول على خلاف في السابعة ، هل هي يونس؟ أو الأنفال وبراءة؟ وهناك من ذهب إلى أن السبع المثاني التي تتكرر في القرآن هي الأمر والنهي ، والتبشير والإنذار ، والأمثال ، والنعم ، والأخبار ، وهناك قول بأنها الفاتحة ، وقد ورد في ذلك أكثر من حديث مذكور عند الكلام عن سورة الفاتحة. وبعد أن ذكر ابن كثير حديثين في هذا المقام قال (فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم ، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطول بذلك ، لما فيها من هذه الصفة ، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضا كما قال تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) من وجه ومتشابه من وجه ، وهو القرآن العظيم أيضا. كما أنه عليه الصلاة والسلام لما