على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم ، ومن ذلك تفسير العضين بالسحر ، على لغة قريش ، وفي ذلك يذكر ابن إسحق رواية عن ابن عباس هي بمثابة سبب نزول ؛ لأننا رأينا أن ابن عباس في الرواية الصحيحة عنه قد فسر الآيات بما اعتمدنا هناك ، وعلى هذا وفي حالة صحة ما نقله ابن إسحق عن ابن عباس يكون سبب النزول مما يدخل ضمن عموم الآية من باب : خصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ ، أو أن ما ذكره ابن إسحق عن ابن عباس كان تأريخا لنزول الآية وليس تفسيرا لها ، ويكون بعض ما في كلام ابن إسحق من كلامه هو لا من كلام ابن عباس ، وعلى كل فهذه رواية ابن إسحق :
أخرج ابن إسحق بسنده الذي ذكره ابن كثير عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا شرف فيهم ، وقد حضر الموسم ، فقال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، فقالوا : وأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به ، قال : بل أنتم قولوا لأسمع ، قالوا : نقول : كاهن؟ قال : ما هو بكاهن ، قالوا : فنقول : مجنون؟ قال : ما هو بمجنون ، قالوا : فنقول : شاعر؟ قال : ما هو بشاعر ، قالوا : فنقول : ساحر؟ قال ما هو بساحر. قالوا : فماذا نقول؟ قال : والله إن لقوله لحلاوة ، فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر ، فتفرقوا عنه بذلك وأنزل الله فيهم (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ...)
٥ ـ وفي تفصيل قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) نذكر هذه الروايات :
روى الترمذي وأبو يعلى الموصلي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قال : «عن لا إله إلا الله». وقال عبد الله بن مسعود والذي لا إله غيره ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر. فيقول : ابن آدم ماذا غرّك مني بي؟ ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟.
٦ ـ قال ابن مسعود : ما زال النبي صلىاللهعليهوسلم مستخفيا حتى نزلت (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فخرج هو وأصحابه.