حال من المضاف إليه.
وإن جعلت «المثوى» مصدرا ألزمك أن تقدّر حذف المضاف ، كأنه : موضع ثوائكم خالدين ، فيكون الحال من المصدر والعامل فيها ، كأنه : يثوون فيها خالدين. فالعامل فى الحال ـ على هذا ـ المصدر ، وفى الوجه الأول معنى الإضافة ، مثل قوله تعالى: (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (١) ، الحال عن الإضافة ، وما فيه من معنى الفعل هو العامل ، والدليل على ذلك أنه لا يخلو من أن يكون العامل المضاف إليهم أو معنى اللام ، فلا يكون معنى اللام ، لأنه لو كان كذلك لم تكن الحال مجموعا بالواو والنون ؛ ألا ترى أن «ما لهم» ، أي : شىء ، وأي شىء ثبت لهم ، لا يكون جميعا مما يعقل ، فلا يكون الحال عنه ، وإذا لم يكن عنه علمت أنه من المضاف إليهم ، وأن العامل فى الحال ما فى الإضافة من معنى الفعل ، وحروف الجر فى هذا بمنزلة الأسماء كما كانت الأسماء بمنزلتها ، فى نحو : غلام من تضرب أضرب ، وفى الاستفهام : غلام من تضرب؟ كما تقول : بأيهم تمرر ؛ وغلام من تضرب أضرب ، بمنزلة : من تمرر أمرر.
وقال فى موضع آخر من «التذكرة». القول فى قوله تعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٢) : إن الحال لا يخلو فيه من أن يكون : عما فى اللام ، أو عن المضاف إليهم ، فلا يجوز أن يكون عما فى اللام ، فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه عن المضاف إليهم ، والمضاف إليه إنما جاز انتصاب الحال عنه لأنه لا تخلو الإضافة فيه / من أن تكون بمعنى اللام ، أو بمعنى «من» ، فمن أي القسمين كان فمعنى الفعل فيه حاصل ، فانتصابهما عن معنى الفعل ، ولا يكون ذلك معنى مضمرا ، كما ذهب إليه أبو عثمان فى قوله :
وإذ ما مثلهم بشر (٣)
__________________
(١) المدثر : ٤٩.
(٢) جزء من بيت للفرزدق ، والبيت بتمامه :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
(الديوان ـ الكتاب : ١ : ٢٩).