قياسا على قولنا : هؤلاء ضوارب زيدا ، وحجاج بيت الله ، فإن التنوين هنا حذف حذفا فانتصب ما بعده ، كذلك هاهنا ، ولا يلزم قولكم إن المضمر يعتبر بالمظهر ، لأنا نرى نقيض ذلك فى باب العطف ، حيث لم يجز عطف المظهر على المضمر المرفوع ولا على المضمر المجرور ، وإن جاز عطفه على المضمر المنصوب ، فكذلك هاهنا يجوز أن يقع المضمر منصوبا ، وإن كان المظهر لو وقع كان مجرورا.
ولنا أنه اسم مضاف إليه اسم قبله ، فوجب أن يكون مجرورا قياسا على : ضاربا زيد ، وغلاما بكر ، وهذا لأن المضاف إليه يعاقب النون أو التنوين ، وهذا الاسم عاقب النون ، حتى لا يجمع بينه وبين النون فى حال السعة ، فوجب أن يكون مجرورا ، ولأن المضمر يعتبر بالمظهر ما لم يعرض هناك ـ عارض ـ مثل ـ ما عرض فى باب العطف / بامتناع المظهر على المضمر المرفوع ، لما صار المضمر المرفوع كالجزء من الفعل ، بدليل إسكانهم لام الفعل من أجل هذا المضمر ، فى «ضربت» ، وامتنع عطف المظهر المجرور على المضمر المجرور ، لامتناع الفصل بين الجار والمجرور ، وهذا المعنى لم يعرض هاهنا ، فبقى اعتباره بالمظهر. وأما انتصاب «أهلك» من قوله : (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) (١) فبفعل مضمر ، لامتناعه من أن يكون معطوفا على مضمر مجرور ، لأن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور. وأما الهاء في قوله : (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) (٢) فقد قال أبو علي : المعنى : ما هم ببالغي ما فى صدورهم ، وليس المعنى : ما هم ببالغي الكبر ، لأنهم قد بلغوا الكبر ، إذ كانوا قد فعلوه وطووا صدورهم عليه.
__________________
(١) العنكبوت : ٣٣.
(٢) غافر : ٥٦.