فإن قلت : لم استحسن : لأضربن أيّهم أفضل ، وامرر على أيّهم أفضل. ومثله قوله تعالى : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ) (١) بإضمار «هو» ، ومثل قوله :
إذا ما أتيت بنى مالك |
|
فسلّم على أيّهم أفضل |
ولم يستحسن : بالذي أفضل ، ولأضربنّ الذي أفضل ، وقال : هذا ضرورة ، مثل قول عدىّ :
لم أر مثل الفتيان فى غبن ال |
|
أيّام ينسون ما عواقبها (٢) |
أي هو فيمن قال : «ما» خبر ، دون أن تجعله زيادة ، فالجواب «قال» ؛ لأن «أيهم أفضل» مضاف ، وكان المضاف إليه قام مقام المحذوف ، «والذي» ليس بمضاف ، فخالف «أيهم» فأما إذا لم يكن «أي» مضافا فهو فى نية الإضافة اللازمة.
قال سيبويه : واعلم أن قولهم :
فكفى بنا فضلا على من غيرنا (٣)
أجود ؛ يعنى ، الرفع وهو ضعيف ، وهو نحو : مررت بأيّهم أفضل ، وكما قرأ بعض الناس هذه الآية تماما على الذي أحسن. واعلم أنه قبيح أن تقول : هذا من منطلق ، إن جعلت «المنطلق» وصفا أو حشوا ، فإن أطلت الكلام فقلت : خير منك ، حسن فى الوصف والحشو.
وزعم الخليل أنه سمع من العرب رجلا يقول : ما أنا بالذي قائل لك سوءا ، وما أنا بالذي قائل لك قبيحا ، إذا أفرده فالوصف بمنزلة الحشو ، لأنه يحسن بما بعده ، كما أن المحشوّ إنما يتم بما بعده.
__________________
(١) مريم : ٦٩.
(٢) شعراء النصرانية (٤٥٧). والرواية في شواهد التوضيح والتصحيح (ص : ١٢٤) : «غير».
(٣) صدر بيت لحسان ، وعجزه :
حبي النبي محمد إيانا