مع تحريم جميع الأفعال في الصيد. ونص على تحريم البيع إذا نودي للصلاة لأنه أعظم ما يبتغون به منافعهم.
فقيل لهم : فلم لا يخص كجسم الميتة تنبيها على الإجزاء؟ ..
فأجابوا بأنه أريد به مراغمة الكفار في تخصيص اللحم الذي هو أعظم مقاصدهم من الخنزير بالتحريم ..
قوله تعالى : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) (١٧٣) ، ولا يرى ذلك أصحابنا محرما إلا من جهة الإعتقاد ، ومقتضاه أن النصراني إذا سمى المسيح على الذبح يحل ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ومذهب عطاء ومكحول والحسن وسعيد بن المسيب ، والمشرك وإن ذبح على اسم الله تعالى لا يحل.
ونقل عن الشافعي خلاف ذلك في النصراني يذبح على اسم المسيح ، وليس بصحيح ، فإن الله تعالى أباح لنا أكل ذبائحهم مع علمه بأنهم يهلون باسم المسيح ، وأن النصراني إذا سمى الله عز وجل ثالث ثلاثة فإنما يريد بمطلقه المسيح ، وذلك معلوم من اعتقاده ، وبه كفرناه ، وليس كالمنافق الذي ليس يحكم بكفره ظاهرا بما يعتقده ، والنصراني حكم بكفره لما يعتقده من الشرك فلا يغيره بالتسمية مع الإعتقاد القبيح (١).
قوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (١٧٣) يحتمل غير باغ في الميتة ولا عاد في الأكل ، ويحتمل العدوان بالسفر ، فلا جرم اختلف قول الشافعي في إباحة أكل الميتة للمضطر العاصي بسفره.
ويشهد لأحد القولين قوله تعالى : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)(٢) ، فإنه عام.
ويشهد للقول الآخر قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)(٣) ...
__________________
(١) في نسخة المبيح.
(٢) سورة المائدة آية ١١٩.
(٣) سورة النساء آية ٢٩.