وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة ، بل هو عزيمة واجبة ، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا.
وليس تناول الميتة من رخص السفر ، أو متعلقا بالسفر ، بل هو من نتائج الضرورة سفرا كان أو حضرا ، وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضا ، وكالتيمم للعاصي المسافر عند عدم الماء ، وهو الصحيح عندنا ..
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ)(١)(فِي الْقَتْلى) الآية : (١٧٨)
ظن ظانون أن أول الكلام تام في نفسه ، وأن الخصوص بعده في قوله : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) لا يمنع من التعلق بعموم أوله ، وهذا غلط منهم ، لأن الثاني ليس مستقلا دون البناء على الأول ، إذ قول القائل : «الحر بالحر والعبد بالعبد» لا يفيد حكم القصاص إلا على وجه البناء على الأول ، فإن الثاني ليس الأول ، وتقديره : كتب عليكم القصاص وهو الحر بالحر قصاصا ، والعبد بالعبد قصاصا ، فوجب بناء الكلام عليه.
قالوا : أمكن أن يقال : كتب عليكم القصاص مطلقا ، وقوله : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) لنفي قتل غير القاتل ، وهو معنى قوله عليه السلام :
«إن من أعنى الناس على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة : رجل قتل غير
__________________
(١) القصاص هو أن يفعل به مثل ما فعل به من قولك اقتص أثر فلان أذا فعل مثل فعله ، ومعنى كتب عليكم فرض عليكم ، وتمام الآية : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).