فإنه لو لم يكن مباحا لهم ، لما جاز للمسلمين تناول ذبائحهم.
ويمكن أن يجاب عنه بأنه محرم أن يذبحوا ، ولكن إذا ذبحوا على تسمية الكتاب حل للمسلم.
وبالجملة ، هذا طريق المعتزلة ، وعندنا لا يحرم قبل السمع شيء ، ولا يحل أيضا ، فإن الحكم حكم الله تعالى ، فلا تعلق له بما تقدم على هذا الطريق ، فاعلمه.
قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ).
يحتمل أن يكون فيما قد حصل تحريمه قبل ذلك ، فالباقي على الإباحة؟ إلا ما خصه الدليل ، فيكون عاما محتجا به.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) : إلا ما يريد أن يحرمه ، فيكون مؤذنا بورود بيان من بعد ، إلا أن ذلك لا يقتضي التخصيص ، ولا يتحقق فيه معنى الاستثناء ، إذا لم يكن محرما في الحال.
ويحتمل أن يريد به إلا ما قد حرم عليكم مطلقا ، وسيرد بيانه.
فعلى هذا يكون القدر المخصوص منه مجملا لجهالة المخصوص.
أو يجوز أن يكون الكل قد ورد دفعة واحدة ، فيذكر الكلام مطلقا إلا ما سيرد تفصيله ، ويسوق الكلام إلى غايته ، ويكون ذلك كمطلق يعقبه خصوص ، ويسوق الكلام إلى آخره.
نعم ، قوله (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ، لا يتناول محل الصيد ، فإنه لو استثنى ذلك سقط حكم الاستثناء الثماني ، وهو قوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) ، وصار بمثابة قوله (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ، وهو تحريم الصيد على المحرم ، وذلك تعسف في التأويل ، ويوجب ذلك