أيضا أن يكون الاستثناء من إباحة بهيمة الأنعام مقصورا على الصيد ، وقد علمنا أن الميتة من بهيمة الأنعام مستثنى من الإباحة ، فهذا تأويل لا وجه له.
وقوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) ، لا يخلو إما أن يكون مستثنى مما يليه من الاستثناء ، فيصير بمنزلة قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلا محلي الصيد وأنتم حرم ، فلو كان كذلك لوجب إباحة الصيد في الإحرام ، لأنه مستثنى من المحظور ، إن كان قوله تعالى (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) مستثنى من الإباحة ، فهذا أيضا وجه ساقط ، فإن معناه : أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد وأنتم حرم ، و (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) سوى الصيد مما قدمناه ، ويستثنى تحريمه في الثاني ، وأن يكون معناه : أوفوا غير محلي الصيد ، وأحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) الآية (٢) : روي عن ابن عباس أنها مناسك الحج ، فعلى هذا تشتمل على الصفا والمروة والبدن وغيرها.
وقيل معالم الله تعالى وأحكامه : شعائره ، فإن شعائره مأخوذة من الأعلام ، ومنه مشاعر البدن وهي الحواس ، وهي أيضا المواضع التي أشعرت بالعلامات ، ومنه قول القائل : شعرت به : أي علمته ، لا يشعرون : أي لا يعلمون ، ومنه الشاعر ، لأنه شعر بفطنته بما لا يشعر به غيره ، فالشعائر العلامات.
فقوله تعالى : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) ، اشتمل على جميع معالم دين الله ، وهو ما أعلمنا الله تعالى من فرائض دينه وعلاماتها أن لا تتجاوز واحدة ولا تقصر فيما دونها ، وهذا أشمل التأويلات.