وليس في الكلام المتقدم على الاستثناء ما يقتضي الاستثناء ، فإن تقدير الكلام : فهلا كانت القرية آمنت فنفعها إيمانها : أي لينفعها إيمانها عند الله وفي الدنيا ، فلا تعلن له بقوم إلا قوم يونس ، فإنه ليس رفعا لشيء مما تقدم ، ومعناه : لكن قوم يونس لما آمنوا.
وكذلك قوله تعالى :
(طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)(١).
وليس قوله : إلا تذكرة لمن يخشى ، رفعا لشيء من قوله : لتشقى ، ولكن معناه : لكن تذكرة لمن يخشى.
ومثله قوله تعالى :
(إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٢).
على بعض الأقوال ، وكذلك قوله :
(لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ)(٣).
ومثله :
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى)(٤).
ويمكن أن يقال إنه استثنى على بعض الوجوه ، وتقديره : حرمنا كل ما قتلتموه ، وحرمنا الميتات كلها إلا السمك والجراد ، وحرمنا كل دم إلا الكبد والطحال.
__________________
(١) سورة طه آية ١ و ٢.
(٢) سورة البقرة آية ١٥٠.
(٣) سورة النمل آية ١٠ و ١١.
(٤) سورة الدخان آية ٥٦.