يسمون ما قتله السبع وأكل منه : أكيلة السبع ، فيسمون الباقي منه أكيلة السبع وهو فريسته.
فكل ما تقدم ذكره في الآية مما نهى عنه أريد به الموت ، فالميتة أصل في التحريم وما عداها ، من الموقوذة ، والمتردية ، وأكيلة السبع ملحقة بها ، وإن لم يمت الحيوان حتف أنفه.
قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ).
على صورة الاستثناء ، ولا يجوز أن يرجع إلى جميع المذكور قبله ، لأن الميتة لا يرجع إليها الاستثناء ، وكذلك الدم ولحم الخنزير ، وإن ذلك لا يجوز أن تلحقه الذكاة ، وكذلك قوله : (ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ)(١) ، فإنه محمول على المذبوح على أسماء الأصنام ، فلا يقال في مثله : إلا ما ذكيتم ، فلا رجوع إلى الاستثناء إلا ما قبل المنخنقة ، فبقي ما قبل المنخنقة على حكم العموم ، ومن قوله المنخنقة إلى موضع الاستثناء ، أمكن رد الاستثناء إليه.
فيقال : المنخنقة أو الموقوذة محرمة ، إلا ما أدرك زكاته وفيه حياة مستقرة ، فإنه يحل بالذكاة.
يبقى أن يقال : إنما يباح ما يباح ، أو يحرم ما يحرم بعد الموت ، فإذا خنق شاة ثم خلاها وفيها حياة مستقرة ، ثم ذبحت بعد ذلك ، فلا تسمى منخنقة ، وإنما تسمى مذكاة ، والمنخنقة هي التي تموت بالخنق فقط ، فعلى هذا يحتمل أن يقال : إلا ما ذكيتم ، استثناء منقطع بمنزلة قوله : لكن ما ذكيتم ، كقوله تعالى :
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ)(٢).
__________________
(١) الإهلال : رفع الصوت.
(٢) سورة يونس آية ٩٨.