نعم ، إنا نشترط معرفة غاية الانقياد للمالك ومخالفة عادته القديمة ، وذلك بأن لا يقدم دون إرسال الصيد ، وإن أوقفه وقف ، وكأن الذي شرط ترك الأكل ، شرط ذلك ليبين به مخالفة عادته وطبعه.
وإذا ثبت ذلك ، صح من هذه الجهة ، أن قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ، ليس أنه أراد به نية الكلب في الإمساك للمالك.
قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ)(١).
معنى الطيبات ما مضى.
وقوله اليوم ، يجوز أن يكون اليوم الذي نزلت فيه الآية ، ويجوز أن يكون المراد به اليوم الذي تقدم ذكره في قوله :
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ)(٢) ، و (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(٣).
قيل : إنه يوم عرفة (٤) في حجة الوداع.
واعلم أنه ليس المقصود من ذكر اليوم ها هنا صورة اليوم ، وإنما المراد به الزمان ، كما يقال أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأيام أبي بكر وعمر ، وهو من قبيل ما يكون معنى الزمان منه أعم من اللفظ سابقا إلى الفهم. مثله قوله تعالى :
(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ)(٥).
__________________
(١) سورة المائدة آية ٥.
(٢ و ٣) سورة المائدة آية ٣.
(٤) والحديث في ذلك أخرجه البخاري في صحيحه عن قيس بن مسلم عن طارق ابن شهاب.
(٥) سورة الأنفال آية ١٦