والحُبْلَى والطّامِث لا يُفصدان الّا لضرورةِ عظيمةٍ. ومَنْ تَغْلِب عليه السَّوداء فلا بأس أنْ يَفْصِد ثمّ يَسْتَفْرِغ بالاسهال. ومَنْ كانت أخلاطُه كثيرةً فينبغى أنْ يُسْقَى السُّكُنْجُبِيْن الملطِّف المطبوخ بالزُّوفا (٢٩).
والفَصْد الضّيّق أحْفَظ للقوّة ، والواسع أسرع الى الغَشْى وأكثر تَنْقِيةً ، وهو أوْلَى فى السِّمان والشِّتاء ، ويجب أنْ يُجْتَنَب فى الحميّات الشّديدة الالتهاب وفى جميع الحميّات غير الحادّة ، أى : المزمنة ، فى ابتدائها. فانْ لم تكن شديدة الالتهاب وكانت عَفِنَةً فانْظُرْ الى النّبض فانْ كان عظيما فافْصِدْ والّا فلا.
ويجب ألّا تجلِب على المريض أحدَ أمرين :
ـ تَهييج الأخلاط المراريّة ،
ـ وتَفجيج الأخلاط الباردة.
واذا وجب الفَصْد فى الحُمَّى فلا يُلْتَفَتُ الى ما يُقال من أنّه لا سبيلَ اليه بعد الرّابع ، بل السّبيل اليه ـ انْ وُجِدَ ـ بعد أربعين أيضا ، هذا رأى جالينوس. على أنّ التَّقدُّم والتّعجيل أوْلَى اذا صَحَّت الدّلائل.
وأمّا فى الحمَّى الدّمويّة فلا بُدّ من استفراغٍ بالفَصْد فى الابتداء ، وكثيرا ما أقْلَعَتْ فى حال الفَصْد.
ويجب أنْ يُحْذَر الفَصْد فى المِزاج الشّديد البَرْد ، والبلاد الشّديدة البرد ، وعند الوَجَع الشّديد ، وبعد الاستحمام المحلِّل ، وعقب الجماع ، وفى سِنّ الرّابعة عشرة فما دونها ما أمكن ، وفى سِنّ الشَّيخوخة ما أمكن. والأحداث الذين يَدْرُجُون فيُفْصَدون قليلا قليلا بفصدٍ يَسِيْرٍ. ويجب أنْ يُحذر فى الأبدان الشّديدة السّمن والبِيْض المترهّلة والصّفراء لِعَدَمِ الدّم ما أمكن. ويجب أنْ يُحْذَر على الامتلاء من الطَّعام.