التعدد والاختلاف فى خلق الإنسان
وحكمة الله فى ذلك
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) [الروم : ٢٢]
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات : ٤٩]
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [النجم : ٤٥]
تلك هى حكمة الله فى التعدد والاختلاف. فلم يكن هذا التعدد والتنوع فى الخلق نسخا مكررة من أصل واحد ، أى استنساخا لفرد معين فى التكوين والأخلاق والطباع والسلوك. وهذا الاختلاف آية من آيات الله الكونية ، فلم يخلق الله عالما واحدا ولكنه خلق عوالم متعددة على أحوال متفاوتة فى التنوع والتعدد. ووجود الإنسان وبقاؤه فى الكون يتوقفان على هذا التعدد والاختلاف. وإن الأمر لا يتوقف عند هذا ، ولكنه يتجاوزه إلى تنوع تضاد. وهذا الاختلاف والتضاد هما الذان يقوم عليه الوجود كله. وليس من المتصور نظريا ولا علميا أن يقوم الوجود على أحد المتضادين دون اعتداد بالآخر (١).
إن الله حينما نوّع الأجناس لم يرد أن تتناكر وتتخالف ، ولكنه أراد أن تلتقى وتتآلف .. (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) [الحجرات : ١٣].
وإن استمرار الحياة لا يتأتى إلا بوجود الذكر والأنثى. فالخلق من ذكر وأنثى يعنى أن الحياة تنتج من التقاء الأنواع المتضادة. فالذكورة ضد الأنوثة ، وكل من
__________________
(١) دكتور أحمد محمد على (أستاذ بكلية اللغة العربية ـ جامعة محمد بن سعود الإسلامية).