بسم الله الرّحمن الرّحيم
أستهل حديثى هذا بالإجابة عن سؤال هام هو : لماذا هذا الكتاب؟ فأقول إننى ، وعلى امتداد أكثر من نصف قرن من الزمان ، قد حبانى الله بنعمة كبرى بصفتى طبيبا للنساء والحمل والولادة ، وذلك بأن أعايش فى كل يوم ـ بل كل لحظة ـ إبداعه سبحانه وتعالى فى معجزة الخلق البشرى ، فتعودنى المرأة وقد بدأ حملها ، وبالأجهزة الحديثة والعلم المتقدم ، أتابع مسيرتها حتى تضع وليدها ، وأراقب تطورات الحمل لديها وجنينها ينمو من نطفة فعلقة فمضغة فعظام ، حتى ينشأ نشأة بشرية خالصة. ومع كل مرحلة من مراحل هذا الحمل يظل لسانى يلهج بالحمد ، وفؤادى يشتعل بالخشوع ، أمام قدرة الخالق جل جلاله ، وإعجازه البالغ ، وهو يوالى تصوير وتقويم الجنين الصغير ، حتى يكتمل إنسانا له كل مقومات الحياة.
وفى لحظة معينة خطر على بالى خاطر لطيف .. وهو لماذا لا أشرك معى قارئى العزيز فى تذوق حلاوة هذا الإبداع ، ولمس ضخامة هذا الإعجاز. وإذا كان الله قد من على بنعمة هذا العلم ؛ فلما ذا لا أسعى إلى توسيع نطاقه ونشره على غيرى من البشر ، لعل ذلك يعينهم على تعميق إيمانهم وترسيخ عقيدتهم بعظمة الخالق سبحانه وتعالى.
ولهذا كان هذا الكتاب.
وكان القرآن الكريم هو سندى الأوحد ، والمرجع الأساسى لى. فالإعجاز والإقناع فى كتاب الله العظيم علميان وعقليان ، يقدمان الحقائق والمشاهد الطبيعية كآيات لله تثبت وجوده وتؤكد ألوهيته. ولهذا كانت الدعوة فى القرآن الكريم واضحة وصريحة لكل البشر بأن يتدبروا ويتفكروا وينظروا فى هذه الآيات لتستريح