عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) عتوا ولم ينقادوا لموسى (ع) في الأقوال ولا في الأفعال (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) عذابا مقدّرا ، قيل إنه الطاعون الذي مات فيه أربعة وعشرون ألفا في ساعة واحدة ، وقيل مائة وعشرون ألفا!. (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي بسبب فسقهم الذي كانوا لا يرجعون عنه ولو عاشوا أبد الدهر ..
٦٠ ـ (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) ... تذكّر يا محمد حين سأل موسى قومه الماء لمّا عطشوا في التّيه (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) عصاه. هي العصا التي دفعها إليه شعيب (ع) ، وكانت من آس الجنّة أهبطها آدم معه. و «الحجر» : حجر طوريّ مربّع تنبع من كل وجه منه ثلاث أعين ، فلكلّ سبط تسيل عين في جدول يستقون منه. (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) لكل سبط عينه (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ) نعمه الجزيلة كالمن والسّلوى وماء الحجر (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لا تطغوا فيها وتظهروا الفساد.
٦١ ـ (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) ... أي لا صبر لنا على نوع واحد من الطعام الذي هو المن والسّلوى دون غيرهما. (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) اطلب منه لأجلنا (يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها) أي خضرها وأطايب أنواعها. (وَقِثَّائِها) النبات المعروف الذي ثمره يشبه ثمر الخيار (وَفُومِها) الفوم هو الثوم (وَعَدَسِها وَبَصَلِها) وهما معروفان (قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى) أتطلبون تغيير الطعام الأقرب مكانة ، والأسهل تناولا ، والأقل كلفة؟ ، (بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) أحسن وأرفع منزلة ، وأطيب طعما ، وأبعد عن الكدّ والتعب بسبيله؟. (اهْبِطُوا مِصْراً) أي انزلوا مصرا من الأمصار : أي بلدا من البلدان ، لا مصر فرعون التي خرجوا منها (فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) حيث تجدون ما طلبتم من تغيير النعمة بأدونها وأخسّها. (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) وهذه من الأخبار الغيبيّة التي ظهرت آثارها على اليهود من زوال ملكهم حتى أيّامنا هذه ، وستبقى إلى الأبد بلا ريب. والذلة : هي الهوان. وضربت : جعلت والمسكنة : أثر الفقر من السكون والخزي. (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) رجعوا بعد صفاتهم هذه كلّها مغضوبا عليهم ملعونين مستحقّين للغضب واللّعن. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) ينكرونها ، والثاني أنّهم كانوا لا يتورّعون عن الوقوف في وجه دعوة الله (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) كزكريّا ويحيى ، (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) ذلك : إشارة إلى ما ذكر من كفرهم وعصيانهم واستهزائهم بالله وملائكته ورسله وكتبه.
٦٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ... قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ممّن حولك يا محمّد من المسلمين. (وَالَّذِينَ هادُوا) دخلوا في اليهودية. وهاد بمعنى رجع إلى الحق وتاب. وسمّوا يهودا لتوبتهم ورجوعهم عن عبادة العجل. (وَالنَّصارى) جمع نصران ، كسكارى وسكران. دعوا بهذا الاسم إمّا لأنهم تناصروا فيما بينهم ، أو لانتسابهم إلى قرية الناصرة التي كان يسكنها عيسى (ع) بعد دعوته مع أمّه من مصر أو هو مأخوذ من قوله : من أنصاري إلى الله؟ قال له الحواريون : نحن أنصار الله. (وَالصَّابِئِينَ) وهم جيل صبوا إلى دين الله أي : مالوا ، وهم كاذبون في دعواهم. أو ـ كما قيل ـ كانوا يعبدون الكواكب أو الملائكة ، من : صبأ إذا خرج. أو أنهم من صبا : مال ، وقد مالوا عن جميع الأديان (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) صدّق بالله وبالبعث يوم القيامة ، ونزع عن كفره من هؤلاء (وَعَمِلَ صالِحاً) فعل ما أمره الله به خالصا عن الشوائب ، لا يبغي إلّا رضى الرّب (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) لهم ثوابهم الذي يستوجبونه على الإيمان الكامل الخالص من كل ما كرهه الله (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لا خوف عليهم في الآخرة ولا يحزنون على الدنيا ، وينجون من هذين الأمرين اللّذين قد يعرضان لكل أحد.
٦٣ ـ (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) ... أي اذكروا العهد الذي أخذناه عليكم بالعمل بما في التّوراة من التكاليف ، ومن الاعتراف بنبوّة محمّد (ص) (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) وهو جبل في صحراء التّيه بسيناء. (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) اقبلوه. و «ما» موصول يعني التوراة. (بِقُوَّةٍ) أي بجدّ وإيمان صادق. (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) أي لا تنسوا ما في التوراة واعملوا بموجبها ولا تغفلوا شيئا منها (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لكي تتجنّبوا عذابي وتتّقوني وتخافوا عقابي.
٦٤ ـ (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) ... أي :