٢٠٣ ـ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) ... يعني أيّام التّشريق الثلاثة. المراد بالذّكر هو التكبيرات والتّهليلات وغيرهما من الأدعية والأذكار (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) أي أسرع في الخروج من منى في ثاني أيّام التّشريق بعد فراغه من رمي الجمار (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) وبقي حتى رمى في اليوم الثالث من أيّام التّشريق فالمتعجل والمتأخر لا إثم عليهما فيما أتياه. (لِمَنِ اتَّقى)؟. أي أن التخيير ـ في التعجيل والتأخّر ـ لمن اتّقى الله وتجنّب معاصيه وهو الحاجّ على الحقيقة ... (وَاتَّقُوا اللهَ) أمر ثان بتجنب معاصي الله. (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) تيقّنوا أنكم تجمعون إلى ربّكم يوم القيامة للحساب.
٢٠٤ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : ... نزلت في المنافقين. أي تستحسن كلامه يا محمد ، في الدنيا باعتبار أنها نوع حياة يعتمد الحكم فيها على الظاهر فقط حيث يتظاهر بتقديسك والتصديق بك وبرسالتك. (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) يستشهد به ويحلف أنه صادق فيما يدّعيه ويقوله لك. (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) وهو أشد الخصماء خصومة للدين ولك وللحق.
٢٠٥ ـ (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) ... أي إذا انصرف هذا المنافق من عندك ، أو صار واليا على الناس سار في الأرض (لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) لأجل الفساد بإهلاك الحرث والنسل اللذين هما الركنان الأساسيان لبقاء النوع الإنساني أي التغذي والتوليد. ولأجل الفساد بهدم أحكام الدين وزعزعة أسس الأخلاق. (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) والله يبغض الفساد وأهله.
٢٠٦ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) ... أي إذا قيل له : تجنّب غضب الله ودع الفساد (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) استولت عليه عصبيّته الجاهليّة ، وحملته على ارتكاب اللجاج في مضاعفة فساده. (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) أي كفته عقوبة (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) وجهنم بئس الفراش الممهّد له.
٢٠٧ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ... أي يبيعها طلبا لمراضي الله تعالى. نزلت في علي (ع) حين نام على فراش النبي (ص) ليلة تآمر المشركون على قتله. (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) رحيم بهم.
٢٠٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) ... أيها المؤمنون يجب عليكم جميعا أن تثبتوا على ما دخلتم وهو الإسلام وذلك بتسليم الأمر لله ولرسوله والسلم والإسلام بمعنى واحد. (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ولا تسلكوا طريقه فيما يزينه لكم من الخروج على شيء من أحكام دينكم. (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة.
٢٠٩ ـ (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) ... إذا انحرفتم عن الحق أي السّلم الذي أمر به الله بعد أن ظهرت لكم الدلائل الواضحة على صلاح ما أمرتم به (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) غالب على أمره وحكيم في صنعه وصنيعه.
٢١٠ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ... الاستفهام معناه النّفي بمقتضى الاستثناء ، أي لا ينتظر التاركون للدخول في الإسلام إلّا أن ينزل عليهم عذاب الله. (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) وهي السحاب الأبيض المتراكم كالمظلّة ، والغيوم التي يظنّون بها الرحمة (وَالْمَلائِكَةُ)؟. معطوف على لفظة الجلالة أي تأتي الملائكة. (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) تم إهلاكهم (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي أن كل الأمور مصيرها إليه حسابا وجزاء.