ولو قيل : إن العجلة دعتهم إلى ذلك!!
قلنا : هذا يؤول إلى نسبة التشريع إلى الصحابة (١) ، وتواطؤ قوم منهم على ذلك.
على أن متن الحديث لا يقتضي أن يكون عدم غسل الأعقاب للعجلة ، بل ظاهره أن تقديم الوضوء قبل وقت العصر عند الوصول ـ في الطريق ـ إلى ذلك الماء ـ كان على سبيل الاستعجال ، وخوف فقد الماء ـ في ذلك الطريق ـ عند تضيق وقت العصر.
فعلى ما ذكرنا ، يجب أن يحمل ذلك على أن في أعقابهم كان نجاسة (٢) لم يزيلوه ، وذلك لأنهم ـ كما مر (٣) ـ ليبس هواء الحجاز ، ولبس النعال العربية كثيرا ما يتشقق (٤) وأعقابهم ، فيداوونها بالبول.
وهذا الاهمال منهم ليس بمستبعد ، على تقدير القول بوجوب المسح لأنها لم تكن (٥) محلا لمسح الوضوء.
والمعتبر في صحة الوضوء : طهارة موضع العضو المختص به لا باقي
__________________
(١) بمعنى تجويز هم إسقاط بعض الفرض عند الاستعجال ، وهو كما ترى!
(٢) النجس يكون للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ، ومثله الرجس ـ على مذهب الفراء ـ وهو النجاسة. لسان العرب ١٤ / ٥٣ ـ ٥٤ ، مادة نجس.
(٣) التعليل المذكور بعد ذلك ، مر في متن الرسالة ص ٤٤٢ منقولا عن كنز الفوائد ـ للكراجكي ـ.
(٤) فاعل يتشقق ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى (الجلد) ، والتقدير : يتشقق جلد أعقابهم ، وإلا لقال : تتشقق ، وقوله : (يداوونها) ، أي : يداوون الجروح الحاصلة بسبب الشقوق في الجلد المحيط بالعقب لأن العقب عظم لا يتشقق بجفاف الهواء ، وغير ذلك مما ذكره (قدسسره) ، حتى يحتاج إلى المداواة ، وقد تقدم ما له صلة بالمقام في الهامشين رقم ٣ و ٤ ص ٤٤٢ ، فراجع.
(٥) في م : يكن.