للأنثى شيخة كما قال :
وتضحك مني «شيخة» عبشمية
ويجمع على أشياخ وشيوخ وشيخان ونصبه على الحال عند البصريين ، والعامل فيه ما في هذا من معنى الإشارة أو التنبيه.
قال الزجاج : «ومثل هذه الحال من لطيف النحو وغامضه إذ لا تجوز إلا حيث يعرف الخبر ؛ ففي قولك : هذا زيد قائما لا يقال إلا لمن يعرفه فيفيده قيامه ولو لم يكن كذلك لزم أن لا يكون زيدا عند عدم القيام وليس بصحيح فهنا بعليته معروفة ، والمقصود بيان شيوخته وإلا لزم أن لا يكون بعلها قبل الشيخوخة قاله الطيبي ، ونظر فيه بأنه إنما يتوجه إذا لم تكن الحال لازمة غير منفكة أما في نحو هذا أبوك عطوفا فلا يلزم المحذور ، والحال هاهنا مبينة هيئة الفاعل أو المفعول لأن العامل فيها ما أشير إليه وبذلك التأويل يتحد عامل الحال وذوها ، وذهب الكوفيون إلى أن هذا يعمل عمل كان و (شَيْخاً) خبره وسموه تقريبا».
وقرأ ابن مسعود ـ وهو في مصحفه ـ والأعمش ـ شيخ ـ بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو شيخ ، أو خبر بعد خبر ، وفي البحر إن الكلام على هذا كقولهم : هذا حلو حامض ، أو هو الخبر ، و (بَعْلِي) بدل من اسم الإشارة. أو بيان له ، وجوز أن يكون (بَعْلِي) الخبر ، و ـ شيخ ـ تابعا له ، وكلتا الجملتين وقعت حالا من الضمير في (أَأَلِدُ) لتقرير ما فيه من الاستبعاد وتعليله أي ألد وكلانا على حالة منافية لذلك ، وإنما قدمت بيان حالها على بيان حاله عليهالسلام لأن مباينة حالها لما ذكر من الولادة أكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب أما العجائز داؤهن عقام ، ولأن البشارة متوجهة إليها صريحا ولأن العكس في البيان ربما يوهم من أول الأمر نسبة المانع عن الولادة إلى جانب إبراهيم عليهالسلام وفيه ما لا يخفى من المحذور ، واقتصارها في الاستبعاد على ولادتها من غير تعرض لحال النافلة لأنها المستبعدة وأما ولادة ولدها فلا يتعلق بها استبعاد قاله شيخ الإسلام (إِنَّ هذا) أي ما ذكر من حصول الولد من هرمين مثلنا ، وقيل : هو إشارة إلى الولادة أو البشارة بها ، والتذكير لأن المصدر في تأويل (إِنَ) مع الفعل ولعل المآل أن هذا الفعل (لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) أي من سنة الله تعالى المسلوكة في عباده ، والجملة تعليل بطريق الاستئناف التحقيقي ومقصدها كما قيل : استعظام نعمة الله تعالى عليها في ضمن الاستعجاب العادي لا استبعاد ذلك من حيث القدرة (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي قدرته وحكمته. أو تكوينه وشأنه سبحانه أنكروا عليها تعجبها لأنها كانت ناشئة في بيت النبوة ومهبط الوحي ومحل الخوارق فكان حقها أن تتوقر ولا يزدهيا ما يزدهي سائر النساء من أمثال هذه الخوارق من ألطاف الله سبحانه الخفية ولطائف صنعه الفائضة على كل أحد ممن يتعلق بإفاضته عليه مشيئته تعالى الأزلية لا سيما أهل بيت النبوّة الذين هم هم وأن تسبح الله تعالى وتمجده وتحمده ، وإلى ذلك أشاروا بقوله تعالى : (رَحْمَةِ اللهِ) المستتبعة كل خير ووضع المظهر موضع المضمر لزيادة تشريفها والإيماء إلى عظمتها (وَبَرَكاتُهُ) أي خيراته التامة المتكاثرة التي من جملتها هبة الأولاد ، وقيل : الرحمة النبوة. والبركات الأسباط من بني إسرائيل لأن الأنبياء عليهمالسلام منهم وكلهم من ولد إبراهيم عليهالسلام ؛ وقيل : رحمته تحيته. وبركاته فواضل خيره بالخلة والإمامة.
(عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) نصب على المدح. أو الاختصاص كما ذهب إليه كثير من المعربين ، قال أبو حيان : وبينهما فرق ولذلك جعلهما سيبويه في بابين وهو أن المنصوب على المدح لفظ يتضمن بوضعه المدح كما أن المنصوب على الذم يتضمن بوضعه الذم والمنصوب على الاختصاص يقصد به المدح. أو الذم لكن لفظه لا يتضمن