الله تعالى عنهما وابن محيصن والزهري «أنفسكم» أفعل تفضيل من النفاسة ، والمراد الشرف فهو صلىاللهعليهوسلم من أشرف العرب ، أخرج الترمذي وصححه والنسائي عن المطلب بن ربيعة قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد بلغه بعض ما يقول الناس فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال : «من أنا»؟ قالوا : أنت رسول الله قال : «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله تعالى خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا» وأخرج البخاري والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه» وأخرج مسلم وغيره عن واثلة بن الأسقع قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الله تعالى اصطفى من ولد إبراهيم ـ إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم». وروى البيهقي عن أنس «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله تعالى في خيرهما فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا» (عَزِيزٌ عَلَيْهِ) أي شديد شاق من عز عليه بمعنى صعب وشق (ما عَنِتُّمْ) أي عنتكم ، وهو بالتحريك ما يكره ، أي شديد عليه ما يلحقكم من المكروه كسوء العاقبة والوقوع في العذاب ، ورفع (عَزِيزٌ) على أنه صفة سببية لرسول وبه يتعلق (عَلَيْهِ) ، وفاعله المصدر وهو الذي يقتضيه ظاهر النظم الجليل ، وقيل : إن (عَزِيزٌ عَلَيْهِ) خبر مقدم و (ما عَنِتُّمْ) مبتدأ مؤخر والجملة في موضع الصفة ، وقيل : إن (عَزِيزٌ) نعت حقيقي لرسول وعنده تم الكلام و (عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) ابتداء كلام أي يهمه ويشق عليه عنتكم (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي على إيمانكم وصلاح شأنكم لأن الحرص لا يتعلق بذواتهم (بِالْمُؤْمِنِينَ) منكم ومن غيركم (رَؤُفٌ رَحِيمٌ) قيل : قدم الأبلغ منهما وهو الرأفة التي هي عبارة عن شدة الرحمة رعاية للفواصل وهو أمر مرعي في القرآن ، وهو مبني على ما فسر به الرأفة ، وصحح أن الرأفة الشفقة ، والرحمة الإحسان ، وقد يقال : تقديم الرأفة باعتبار أن آثارها دفع المضار وتأخير الرحمة باعتبار أن آثارها جلب المنافع والأول أهم من الثاني ولهذا قدمت في قوله سبحانه : (رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧] ولا يجري هنا أمر الرعاية كما لا يخفى ، وكأن الرأفة على هذا مأخوذة من رفو الثوب لإصلاح شقه ، فيكون في وصفه صلىاللهعليهوسلم بما ذكر وصف له بدفع الضرر عنهم وجلب المصلحة لهم ، ولم يجمع هذان الاسمان لغيره عليه الصلاة والسلام ، وزعم بعضهم أن المراد رءوف بالمطيعين منهم رحيم بالمذنبين ، وقيل : رءوف بأقربائه رحيم بأوليائه ، وقيل : رءوف بمن يراه رحيم بمن لم يره ولا مستند لشيء من ذلك (فَإِنْ تَوَلَّوْا) تلوين للخطاب وتوجيه له إليه صلىاللهعليهوسلم تسلية له ، أي فإن أعرضوا عن الإيمان بك (فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ) فإنه يكفيك معرتهم ويعينك عليهم (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) استئناف كالدليل لما قبله لأن المتوحد بالألوهية هو الكافي المعين (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فلا أرجو ولا أخاف إلا منه سبحانه (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ) أي الجسم المحيط بسائر الأجسام ويسمى بفلك الأفلاك وهو محدد الجهات (الْعَظِيمِ) الذي لا يعلم مقدار عظمته إلا الله تعالى. وفي الخبر «أن الأرض بالنسبة إلى السماء الدنيا كحلقة في فلاة وكذا السماء الدنيا بالنسبة إلى السماء التي فوقها وهكذا إلى السماء السابعة وهي بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة وهو بالنسبة إلى العرش كذلك» وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لا يقدر قدره أحد ، وذكر أهل الأرصاد أن بعد مقعر الفلك الأعظم من مركز العالم ثلاثة وثلاثون ألف ألف وخمسمائة وأربعة وعشرون ألفا وستمائة وتسعة فراسخ ، وأن بعد محدبه منه قد بلغ مرتبة لا يعلمها إلا الله الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء وهو بكل شيء عليم ، وقد يفسر العرش هنا بالملك وهو أحد معانيه كما في القاموس ، وقرئ «العظيم» بالرفع على أنه صفة الرب ، وختم سبحانه هذه السورة بما