ونخرج كارهين كما دخلنا |
|
خروج الضب أخرجه ال |
وجار فما ذا الامتنان على وجود |
|
لغير الموجدين به ال |
خيار فكانت أنعما لو أن كونا |
|
نخير قبله أو نس |
تشار فهذا الداء ليس له دواء |
|
وهذا الكسر ليس له انجبار |
إلى آخر ما قال ، ولعمري لقد غمط نعمة الله تعالى عليه وظلمها (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ) يظلم النعمة باغفال شكرها بالكلية أو بوضعه في غير موضعه أو يظلم نفسه بتعريضها للحرمان بترك الشكر (كَفَّارٌ) شديد الكفران والجحود ، وقيل : ظلوم في الشدة يشكو ويجزع ، كفار في النعمة يجمع ويمنع ، والأول أنسب بما قبله ، وأل في الإنسان للجنس ومصداق الحكم بالظلم وأخيه بعض من وجدا من أفراده فيه ويدخل في ذلك الذين بدلوا نعمة الله تعالى كفرا ، والظاهر أن الجملة استئناف بياني وقع جوابا لسؤال مقدر كأنه قيل : لم يراعوا حقها؟ أو لم حرمها بعضهم؟ وقيل : إنها تعليل لعدم تناهي النعم ولذا أتى بصيغتي المبالغة فيها وهو كما ترى هذا ، وفي النحل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل : ١٨] وفرق أبو حيان بين الختمين بأنه هنا لما تقدم قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) [إبراهيم : ٢٨] وبعده (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) فكان ذلك نصا على ما فعلوا من القبائح من الظلم والكفران ناسب أن يختم بذم من وقع ذلك منه فختمت الآية بقوله سبحانه (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) وأما في المحل فلما ذكر عدة تفضلات وأطنب فيها وقال جل شأنه : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [النحل : ١٧] أي من أوجد هذه النعم السابق ذكرها ليس كمن لا يقدر على الخلق ذكر من تفضيلاته تعالى اتصافه بالغفران والرحمة تحريضا على الرجوع إليه سبحانه وأن هاتين الصفتين هو جل وعلا متصف بهما كما هو متصف بالخلق ، ففي ذلك اطماع لمن آمن به تعالى وانتقل من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق تبارك وتعالى أنه يغفر لله السابق ويرجمه ، وأيضا فإنه لما ذكر أنه تعالى هو المتفضل بالنعم على الإنسان ذكر ما حصل من المنعم ومن جنس المنعم عليه ، فحصل من المنعم ما يناسل حالة عطائه وهو الغفران والرحمة إذ لولاهما لما أنعم عليه ، وحصل من جنس المنعم عليه ما يناسب حالة الأنعام ويقع معها في الجملة وهو الظلم والكفران فكأنه وقصوره. إن صدر من الإنسان ظلم فالله تعالى غفور أو كفران فالله تعالى رحيم لعلمه بعجز الإنسان وقصوره. وما نقل السخاوي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من أن هذه الآية منسوخة بآية النحل مما لا يلتفت إليه انتهى كلامه. وفيه بحث ، وقيل : إنما ختم سبحانه آية النحل بما ختم للإطناب هناك في ذكر النعم مع تقدم الدعوة إلى الشكر صريحا فكان ذلك مظنة التقصير فيه ويناسب الإطناب في سرد النعم أن يذكر منها ما يتعلق بذلك وهو الغفران والرحمة فتأمل والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.
ومن باب الإشارة في الآيات : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) فيه احتمالات عندهم فقيل : من ظلمات الكثرة إلى نور الوحدة أو من ظلمات صفات النشأة إلى نور الفطرة ، أو من ظلمات حجب الأفعال والصفات إلى نور الذات ، وهو المراد بقولهم : النور البحت الخالص من شوب المادة والمدة. وقال جعفر : من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ومن ظلمات البدعة إلى نور السنة ، ومن ظلمات النفوس إلى نور القلوب ، وقال أبو بكر بن طاهر : من ظلمات الظن إلى نور الحقيقة وقيل غير ذلك (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) بتيسيره بهبة الاستعداد وتهيئة أسباب الخروج إلى الفعل (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ) الذي يقهر الظلمة بالنور (الْحَمِيدِ) بكمال ذاته أو بما يهب لعباده المستعدين من الفضائل والعلوم أو من الوجود الباقي أو نحو ذلك (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ) المحجوبين (مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) وهو عذاب الحرمان (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) الحسية والصورية (عَلَى الْآخِرَةِ)