معناه بتقدير شيء فيرتفع الوثوق بمعاني النص ، وأيّا ما كان ـ فعمرك ـ مبتدأ محذوف الخبر وجوبا أي قسمي أو يميني أو نحو ذلك ، والعمر بالفتح والضم البقاء والحياة إلا أنهم التزموا الفتح في القسم لكثرة دوره فناسب التخفيف وإذا دخلته اللام التزم فيه الفتح وحذف الخبر في القسم ، وبدون اللام يجوز فيه النصب والرفع وهو صريح ، وهو مصدر مضاف للفاعل أو المفعول ، وسمع فيه دخول الباء وذكر الخبر قليلا ، وذكر أنه إذا تجرد من اللام لا يتعين للقسم ، ونقل ذلك عن الجوهري ، وقال ابن يعيش : لا يستعمل إلا فيه أيضا وجاء شاذا «عملي» وعدوه من القلب ، وقال أبو الهيثم : معنى (لَعَمْرُكَ) لدينك الذي تعمر ويفسر بالعبادة ، وأنشد :
أيها المنكح الثريا سهيلا |
|
عمرك الله كيف يلتقيان |
أراد عبادتك الله تعالى فإنه يقال ـ على ما نقل عن ابن الأعرابي ـ عمرت ربي أي عبدته ، وفلان عامر لربه أي عابد ، وتركت فلانا يعمر ربه أي يعبده وهو غريب. وفي البيت توجيهات فقال سيبويه فيه : الأصل عمرتك الله تعالى تعميرا فحذف الزوائد من المصدر وأقيم مقام الفعل مضافا إلى مفعوله الأول ، ومعنى عمرتك أعطيتك عمرا بأن سألت الله تعالى أن يعمرك فلما ضمن عمر معنى السؤال تعدى إلى المفعول الثاني ـ أعني الاسم الجليل ـ فهو على هذا منصوب ، وأجاز الأخفش رفعه ليكون فاعلا أي عمرك الله سبحانه تعميرا ، وجوز الرضي أن يكون ـ عمرك ـ فيه منصوبا على المفعول به لفعل محذوف أي أسأل الله تعالى عمرك وأسأل متعد إلى مفعولين ، أو يكون المعنى أسألك بحق تعميرك الله تعالى أي اعتقادك بقاءه وأبديته تعالى فيكون انتصابه بحذف حرف القسم نحو الله لأفعلن ، وهو مصدر محذوف الزوائد مضاف إلى الفاعل والاسم الجليل مفعول به له ، ولا بأس بإضافة ـ عمر ـ إليه تعالى ، وقد جاء مضافا كذلك قال الشاعر :
إذا رضيت علىّ بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها |
وقال الأعشى :
ولعمر من جعل الشهور علامة |
|
منها تبين نقصها وكمالها |
وزعم بعضهم أنه لا يجوز أن يقال : لعمر الله تعالى لأنه سبحانه أزلي أبدي ، وكأنه توهم أن العمر لا يقال إلا فيما له انقطاع وليس كذلك ، وجاء في كلامهم إضافته لضمير المتكلم ، قال النابغة لعمري وما عمري عليّ بهين.
وكره النخعي ذلك لأنه حلف بحياة المقسم ، ولا أعرف وجه التخصيص فإن في (لَعَمْرُكَ) خطابا لشخص حلفا بحياة المخاطب وحكم الحلف بغير الله تعالى مقرر على أتم وجه في محله.
وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما و «عمرك» بدون لام (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ) أي لفي غوايتهم أو شدة غلمتهم التي أزالت عقولهم وتمييزهم بين خطئهم والصواب الذي يشار به إليهم (يَعْمَهُونَ) يتحيرون فكيف يسمعون النصح ، وأصل العمه عمى البصيرة وهو مورث للحيرة وبهذا الاعتبار فسر بذلك ، والضمائر لأهل المدينة ، والتعبير بالمضارع بناء على المأثور في الخطاب لحكاية الحال الماضية ، وقيل : ونسب إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الضمائر لقريش ، واستبعده ابن عطية وغيره لعدم مناسبة السباق والسياق ، ومن هنا قيل : الجملة اعتراض وجملة (يَعْمَهُونَ) حال من الضمير في الجار والمجرور ، وجوز أن تكون حالا من الضمير المجرور في (سَكْرَتِهِمْ) والعامل السكرة أو معنى الإضافة ، ولا يخفاك حاله ، وقرأ الأشهب «سكرتهم» بضم السين ، وابن أبي عبلة «سكراتهم» بالجمع ، والأعمش «سكرهم» بغير تاء ، وأبو عمرو في رواية الجهضمي «أنهم» بفتح الهمزة ، قال أبو البقاء : وذلك على